2 يوليو، 2025، والساعة الآن 2:17 صباحًا بتوقيت نواكشوط
الرئيسية بلوق

مركز “مبدأ” يصدر عددا خاصا بالمرحوم الشيخ الحسن البمباري

نضع بين يدي القارئ الكريم العدد الثالث من مجلة مسارات وهو عدد خاص بفقيد الوطن والثقافة الأمين العام للمركز الأستاذ: الشيخ الحسن البمباري اعترافا بأخوته، وجهوده، ومكانته الثقافية والعلمية.
نسأل الله أن يغفر له ويرحمه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ابتداء من هذا العدد – إن شاء الله- يمكنكم الحصول على نسخة رقمية من المجلة عن طريق الرابط المرفق:

https://drive.google.com/file/d/1JFI20O1oWHJmytf_lqFTH0-hUw4fxk5S/view?usp=drivesdk

نستقبل البحوث والمقالات والإسهامات العلمية والأدبية للأعداد القادمة عبر البريد الإلكتروني ‏‪[email protected]‬‏
للاستفسار يمكنكم التواصل مع رئيس تحرير المجلة د. أحمد جدو اعليه على الرقم 36.63.03.30 (00222)

نواكشوط .. طاولة مستديرة حول التنمية المحلية

نظم المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية مبدأ بالتعاون مع بلدية عرفات يوم الأحد 05-06-2022 طاولة مستديرة حول “أدوات التنمية المحلية في ظل المقاربة التشاركية”. الأمين العام للمركز السيد الحسن محمد قال إن هذا النشاط يأتي في إطار سلسلة جلسات التنمية المحلية التي دأب المركز على تنظيمها في البلديات والمقاطعات، انطلاقا من استيراتيجية الأنشطة التي دأب المركز عليها. بعد ذلك تحدث عمدة عرفات السيد الحسن محمد وثمن التعاون مع المركز في هذا الموضوع المهم بالنسبة للبلديات والجماعات المحلية وشكر الحضور.لتتوالى بعد ذلك المحاضرات:المحاضرة الأولى مع الأستاذ محمد الأمين الفاظل تحدث فيها عن “تمويل الشراكات والأفكار الإبداعية الخلاقة” حيث بين المرتكزات الثلاث لهذه العملية الأفكار، الشراكات، التمويل.وبيَّن أن تحقيق هذه الأفكار يتم عبر الأجوبة لثلاثة أسئلة هي كيف أبدع أفكار رائد في المجال الجمعوي؟ كيف تتم شراكة ناجحة؟ وكيف أحصل على تمويل؟ والإجابة على الأسئلة يتم تحديد المشاكل والأولويات التي يجب أن تمس الأغلبية ويكون لمواجهة صدى لدى المجتمع وأن نبتعد عن التقليد. ثم في إطار البحث عن الشراكة حث على ضرورة وضع لائحة بجميع الشركاء في المجال الذي أنشط فيه، واشعار الشركاء بعدم التنافس معهم.. المحاضرة الثانية مع الدكتور سليمان ولد حامدن حول “دور المجتمع المدني في التخطيط المحلي وفق المقاربة التشاركية” حدد الفاعلين في المقاربة التشاركية: الدولة، القطاع الخاص، المجتمع المدني ثم أكد على أن البلديات والجمعيات المحلية هي الأقرب للمواطن بالرجوع إلى الصلاحيات التي أعطاها المشرع الوطني وهو ما يشكل فرصة لخلق تنمية محلية حقيقة عبر الانطلاق من احتياجات المجتمع الفعلية واشراك الجميع واشعارهم أنهم جزء من هذا التغيير، ثم عرج على أدوار المجتمع المدني وهي الرقابة والحماية والمشاركة والتخفيف من السياسات العمومية الهيكلية.المحاضرة الثالثة مع الباحث الحسن جنجين وقدم المحاضر قراءة في قانون الجمعيات رقم 004/2021 من خلال تحديد طرق تأسيس للجمعيات والمساطر الاجرائية المتبعة في قانون الجمعيات، وأكد بأن هذا القانون جاء في إطار جو الانفتاح السياسي من أجل تبسيط تلك الإجراءات وهو استجاب لمطلب قديم في لانتقال من الترخيص إلى التصريح.الأستاذ محمد الامين بيب تحدث عن تطبيق البلدية للمقارنة التشاركية في عملها عبر المخطط التنموي الذي تسعى البلدية إلى إنجازه بالشراكة مع هيئات المجتمع المدني، وقدم بعض الملاحظات ضمنها مآخذ البلدية على المجتمع المدني والتي من اهمها عدم توفر النزعة التخصصية للمنظمات وضعف الكفاءة..لتتوالى مداخلات الجمهور التي تركزت حول أهمية المقاربة التشاركية بالرغم من الصعوبات التي تواجه تطبيقها وأهمية التخصص في مجال المجتمع المدني، وملاحظات على عدم تطبيق القانون 04 /2021 وتم توجيه النقد للمنصات الإلكترونية المخصصة لتسجيل الجمعيات وترخيصها، كما تحدث البعض عن إقصاء الشباب من المشاركة، وعدم التكوين.

مبدأ.. ينظم ندوة نقاشية بمقاطعة الرياض

نظم المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية – مبدأ صباح اليوم الخميس31 مارس 2022 ندوة تحت عنوان:” الحق في التنمية المرتكزات والرهانات والتحديات ” وكيل التنمية المحلية ببلدية الرياض سيد مرب تحدث خلال الندوة عن أبرز الإشكالات التي تواجه البلديات ” شبه الحضرية” والتي يعتبر أن بلدية الرياض إحداها.كما أشار إلى ضعف المشاركة الشبابية في حل هذه المشاكل التنمويةد احمد جدو تحدث عن الحق في التنمية انطلاقا من المقاربة القانونية معتبرا أنه حق أصيل على المواطن المطالبة به. وقد تميزت الندوة بمداخلات ومشاركات من فاعلين ونشطاء في المجتمع المدني

مبدأ يناقش رهانات الشغل في موريتانيا

نظم المركز الموريتاني للدراسات والبحوث والدراسات الإنسانية مبدأ مساء اليوم الأحد 21 نوفمبر 2021 ندوة علمية تحت عنوان “رهانات الشغل وإكراهات الواقع في موريتانيا-قراءة في التحديات والطموحات.”
الدكتور أحمد جدو ولد اعليه شكر في كلمته الافتتاحية الحاضرين والمحاضرين على تلبيتهم لدعوة مركز مبدأ، الذي أخذ على عاتقه طرق هذا النوع من القضايا وإتاحة الفرصة للنقاش والتبادل خدمة للوطن والمواطن.
المكلف بمهمة في وزارة الوظيفة العمومية حدي حمادي تحدث عن الجهود التي قامت بها الدولة مشيرا إلى ان إدارة الشغل تلعب دورا كبيرا في إنجاح أي عمل اقتصادي.
وأضاف “أن الدولة الموريتانية عملت على تأسيس إدارة شغل فعالة تقوم على ترسانة قانونية تخضع للتحديث والمراجعة  لتواكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية”
رئيس نقابة مفتشي ومراقبي الشغل، محمد الأمين ولد محمد محمود قال إن هناك ثلاث ركائز في هذا القطاع هم أرباب العمل والحكومات والعمال مشيرا إلى دور ومساهمة كل واحدة من هذه الركائز.
وأشار إلى أن هذا القطاع تأسس مع نشوء الدولة الموريتانية وله دور بارز في الدورة الاقتصادية والسلم الأهلي.

وطالب بلفتة سريعة من الدولة لتحسين ظروف المفتشين والمراقبين لتمكينهم من تطبيق القانون وضبط القطاع.

الأمين العام للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا عبد الله ولد محمد الملقب النهاه، قال إن السياسات العامة للدولة أهملت الأهداف المرجوة من قطاع الشغل ومحوريته.

وأضاف “الدولة صفت قطاع الشغل وعطلت عمله خلال العقود الماضية.”

وشدد “على أن صلاحيات مفتشي مراقبي الشغل معطلة وظلت حبرا على ورق مما يكرس تعطيل تطبيق القانون ويبقي العمال دون حماية.”

محمد امبارك زايد   عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا CLTM    قال إن الترسانة القانونية بحاجة للمراجعة وانه من الضروري التكيف مع التحولات الاجتماعية مشددا على ضرورة وجود العمال والمركزيات النقابية في وضع استيراتيجيات جديدة لمعالجة الاختلالات في مجال الشغل.
وختمت الندوة بردود المحاضرين على مداخلات الحضور

موريتانيا ورحلة البحث عن الذات: بين ترسيم العربية والتمكين للفرنسية *أ.د. محمد سيد أحمد فال (بوياتي)

تطرح قضية تغلغل الثقافة الفرنسية في الجهاز الإداري الموريتاني إشكالية تتجاوز بعد اللغة لتطال حدود الهوية، ولقد عمل الاستخدام الاجتماعي والسياسي الحالي للمعرفة الاستعمارية مجسدا في اللغة الفرنسية بالإدارة على توتير العلاقة بين الإنسان الموريتاني وذاته والمواطن ودولته والتأسيس لعلاقة قلقة مع الذات والتاريخ.

لقد استعانت الدولة الوطنية في نشأتها أساسا بالمترجمين وعمال الإدارة الفرنسية على قيادة دفة البلاد الجديدة المنبثقة وسط مجتمع تقليدي، وارتبطت الحظوة المعرفية بمدى القرب من المرجعية الفكرية للفرنسيين وتملك الرؤية الثقافية للمستعمر ودرجت الأدبيات الإدارية للفرنسيين على اعتبار علماء الدين الموريتانيين الأجلاء أميين لعدم تحدثهم الفرنسية.

ولم تتمكن الدولة الناشئة من تحقيق القطيعة المطلوبة بين الماضي الاستعماري والحاضر المستقل فبات ينظر إليها كصنيعة استعمارية لتولي المقربين للثقافة الفرنسية زمام قيادتها، وظلت الفرنسية لغة الإدارة بامتياز مع أنها لم تتسلل إلى المحيط الشعبي الذي تغريه الوضعية الاقتصادية وغياب الإرث الدولتي للبلد بالإبقاء على قليل صلة بالإدارة.

ولقد شهد مسار التخلص من عقدة اللغة الفرنسية احتكاكات متعددة اكتسى بعضها لبوسا وطنيا في أحداث 1966 وثوريا في قرارات 1973، وظلت المحاولات المتقطعة للتنصل والانسلاخ من الماضي الثقيل محكومة بسياق اقتصادي ضاغط وتاريخ ملح يقترب من الحاضر.

وعلي الرغم من انقضاء أزيد من نصف قرن على استقلال البلاد فان التوجهات التحررية تجلت أساسا في قرارات ظرفية أو إعلانات مبدئية لا تجد تجذيرا لها في الواقع بفعل العلاقة التاريخية المستبدة مستعمِر/مستعمَر و إكراهات الأنماط المقولبة التي تلصق أحيانا بالعربية من عجز عن مواكبة التطورات وعزلة في السياق .

ويحس المعربون العزلة في وطنهم من حيث فرص النفاذ إلى الوظيفة العمومية والترقي في الجهاز الإداري وسط نصوص نظرية تحتضنهم وواقع عملي يلفظهم في ما يجسد حقيقة الانفصام القائم بين النظرية والتطبيق.

وعلى الرغم من أن قضية التعريب باتت محسومة من الناحية الدستورية باعتبار اللغة العربية اللغة الرسمية، فإن الإدارة الموريتانية ما زالت عصية على التعريب بإرادة من بعض السياسيين الموريتانيين ودعم من الفرنسيين وفي غياب كامل لأي مبادرة من شأنها ضمان تجاوز الوضع الراهن.

وتأسيسا على ملاحظة انسلاخ النصوص القانونية من محيطها وسعيا إلى ضمان التصالح مع الذات بالترسيم الفعلي للعربية، تستمد التساؤلات التالية وجاهتها وتؤسس لمشروعيتها: هل تكفي الآليات التنظيرية لتمكين الموريتاني من التصالح مع ذاته بتطبيق الترسيم الفعلي للغة العربية وتمكين المعربين من تجاوز عقدة تفوق المعرفة الاستعمارية؟ ما تجليات تلك العقدة وإلى أي حد ساهم النظام الرسمي في تجذيرها بالفعل أو بغياب الفعل؟ وما الآليات الكفيلة بالتخلص من الشعور المستبد بالدونية لدى المعربين تبعا لمساءلة النظام الإداري المعمول به وأملا في تعزيز الآليات الذاتية والموضوعية.

تأصيل:
“ظهر إسم موريتانيا لأول مرة في وثيقة للوزارة الكولونيالية الفرنسية في دجمبر 1899 وذلك أثناء تشييد المستعمر الفرنسي لقواعده في السنغال”2، وقد عرفت هذه المنطقة عدة مسميات اعتمد بعضها على معايير غير جغرافية لتحديد فضائها الجغرافي مثل العناصر الثقافية وأسلوب الحياة، ومن هذه المسميات : بلاد شنقيط ، أرض الملثمين ، بلاد السيبة ، المنكب البرزخي ، بلاد التكرور ،أرض الرجال.

وتبعا لتعدد زوايا الرؤية والعصور تعددت زوايا معالجة الموضوع من قبل الباحثين بحساب مدى إيلاء الاهتمام حال التعريف للعناصر الثقافية أو السكانية أو السلطوية،

وفي هذا السياق اعتمد المؤرخ الموريتاني المختار ولد حامدن3 على اللغة والعادات والتقاليد والتاريخ لتحديد وحدة المنطقة التاريخية والبشرية.

و اعتمد الباحث الانجليزي نوريس (Norris) على الخصائص اللغوية والأدبية باعتبارها المميزات الأساسية للشناقطة.
أما تيودور مونو(T. Monod)الذي وضع خريطة للمجموعات الثقافية بالصحراء الكبرى فقد انطلق من تنوع وأشكال رحل الجمل وخلص إلى أن ميزات الشناقطة يصعب تحديد أصولها كما عمد باحثون آخرون إلى معيار اللهجة الحسا نية لتحديد المجال الجغرافي.

وعلى المستوى الإداري لم تعرف المنطقة قيام سلطة مركزية توحد كل أطرافها وسكانها المتصلين في أرجائها كما لم تخضع لحكم سلالة بشرية أو ثقافية أو حضارية واحدة.

ومنذ قيام دولة المرابطين في القرن الخامس الهجرى (426 – 441 هـ) ظلت المنطقة بدون سلطان مركزي قبل أن يخضعها الفرنسيون لاستعمارهم بداية القرن الـ20.

“ومع ذلك فقد ظل التاريخ السياسي القريب لموريتانيا وثيق الصلة بالتحولات الكبرى التي مرت بها المنطقة الشمالية لإفريقيا، رغم ما يميزه من سمات خصوصية أبرزها دينامية نشوء الكيان السياسي الموريتاني في ظرفية تحكمها إحداثيات زمانية ومكانية تنضح بمؤشرات وضع داخلي متأزم و إرادة استعمارية مترددة وحركية استقطاب إقليمي مزدوج”4

و كان من الواضح كما تبين الأدبيات الاستعمارية ضرورة وجود منطقة عازلة بين الفضائين العربي المتوسطي والإفريقي للحد من المد الديني والثقافي العربي في تلك الربوع منذ ظهور الدولة المرابطية4، وهو ما سيؤثر لا حقا على المعطي الثقافي بالمنطقة بما فيه مكانة العربية ودورها في تشكل الذات والهوية بموريتانيا.

“وتتشكل الساكنة من أغلبية5 عربية وأقليات زنجية من مجموعات البولار السنونكية والوولف يدينون جميعهم بالإسلام” وشكلت مدارسهم حصنا كبيرا لمقاومة الاختراق الثقافي الغربي وساهم فقهاؤهم في نشر الدين الإسلامي والتمكين للثقافة العربية بإفريقيا.

إن إكراهات النشأة وتنازع النخبة حول هوية الانتماء وحتي مشروعية وجود الكيان الجديد ولدت تذبذبا مشهودا لدي النخبة السياسية الوطنية الحاكمة في رسم المشروع الوطني للدولة الجديدة وتحديد هويتها الثقافية وعلاقتها بالمحيط الإقليمي.

إلا أننا نلمس بصفة جلية في الخطاب السياسي للرئيس الأول المختار ولد داداه وعيا متزايدا بهذه الإشكالية ضمن مشروع بناء “الأمة الموريتانية””إننا أمة تنشأ6، ولدينا الوعي بذلك، فلنبن الأمة الموريتانية،إن موريتانيا هي بالفعل جسر طبيعي وهمزة وصل بين العالم العربي المتوسطي والعالم الإفريقي الأسود”……مع ذلك فهو لا يريد القطيعة مع فرنسا في نفس اللحظات ويشدد على ضرورة الحفاظ على علاقة قوية معها إنه باختصار يدرك كل الأبعاد والتحديات المحيطة به التي تهدد هوية الكيان الناشئ ووحدة ذاته.

إن استقراء تاريخ ونشأة وتطور الدولة الوطنية يعكس بجلاء حقيقة أن إحدى سمات الإشكالية الكبرى التي طرحت على مسار تكوين الكيان السياسي الموريتاني المستقل كانت مسألة الهوية الثقافية السياسية للبلد.

و على الرغم من تجلي الانتماء العربي وعراقه هذا الانتماء إلا أن المشروع الاستعماري الفرنسي مافتئ يعمل على طمس هوية البلد من خلال سياساته الثقافية والترتيبات الاندماجية الإقليمية.

ولقد شكلت الورقة الثقافية إحدى أبرز تجليات الصراع السياسي الداخلي بين المجموعات الموريتانية المختلفة ،فركز التيار القومي العربي ، الذي ترجع جذوره الأولى إلى بوادر نشوء الحركة الوطنية ،على المطالبة بانتهاج التعريب الشامل في مجالات الثقافة والإدارة والأشغال وهو ما سيترتب عليه الأخذ بمبدأ ترسيخ اللغة العربية الذي تبناه مؤتمر حزب الشعب الحاكم المنعقد 1966م الأمر الذي مهد لإرساء إصلاح تربوي يقضي بإلزامية وترسيم اللغة العربية في المدارس الحكومية.

وقد أفضى القرار مع ما يحمله من إرادة في التصالح مع الذات، ولو بالتقسيط،إلى أزمة داخلية عنيفة تمثلت في احتجاج مجموعة تضم تسعة عشر إطارا تنتمي إلى الأقليات الزنجية حيث اعتبرت أن هذا القرار بادرة “للتحكم السلطوي ” ولممارسة هيمنة عرقية وفرض الاستلاب الثقافي على الأقليات ثم تحول الاحتجاج إلي صدامات عنيفة ذهب ضحيتها بعض القتلى والجرحى من الجانبين ورغم احتواء الأزمة بسرعة إلا أنها خلفت جروحا عميقة ستمتد أثارها غضة في المراحل التالية وبالرغم من تكرير الانتماء المزدوج الموريتاني عبر مقولة الأمة المندمجة الغنية بتعددها واختلاف مكوناتها فان كل تلك التأكيدات والخطوات لم توفق عمليا في حسم إشكالية الهوية ومكانة اللغة العربية .

غير أن خط التعريب وتركيز الهوية العربية للبلد قطع خطوات ملموسة بعد انضمام موريتانيا إلي الجامعة العربية عام 1973 واعتماد سياسة الاستقلال الثقافي7 وتدعيم الأصالة التي أدت في ما بعد إلي الإصلاحات التعليمية وتكريس اللغة العربية كلغة عمل و إدارة بعدما كانت الفرنسية لغة العمل بموجب الدستور.

ثم ظهرت في ما بعد حركات قومية 8(عربية الناصريون البعثيون حركة اللجان الثورية ) التي سعت إلى توطيد المكسب وإذكاء البعد العربي في البلاد.
الحسم المؤجل:
لم تحظ إشكالية الهوية وتوابعها بمكانة متقدمة ضمن أولويات الحكام الموريتانيين منذ ظهور الدولة الوطنية وباتت تثار أساسا وفق ردات فعل طارئة أو ردا على مستجد ضاغط ، وظلت البلاد محكومة في الجانب النظري باللغة العربية لغة رسمية وفي الجانب التطبيقي باللغة الفرنسية لغة عمل.

ولقد تسببت المراوحة بين تسييس النظام التربوي تعريبا وفرنسة في خلق جيلين متغايرين يسكنان الأرض ذاتها ويتكلم بعضهم لغات لا تمت إليها ولئن كان من الإنصاف الاعتراف بأن الخطأ لا يتحمله صغار القوميتين الذين كانوا ضحية نظام تربوي غير متوازن فإن الخطيئة تعود بالأساس إلى غياب الوعي الكافي لدى النخب الحاكمة بضرورة إيجاد حسم نهائي لإشكال الهوية وبمتطلبات التمكين للغة العربية وفاء للدستور و للتاريخ و للحاضر والمستقبل.

وفي ظل الانفصام الحاصل بين النظرية والتطبيق باتت المخرجات التربوية بعيدة كل البعد عن متطلبات السوق وعملت المؤسسات التعليمة على تخريج أجيال عاجزة تحمل شهادات غير مطلوبة وخبرات ناقصة وظلت السوق مغلقة أمام المعربين ومفتوحة أمام أقلية تتحدث باللغة الفرنسية تجد ذاتها أكثر حظوة في النفاذ إلى المراتب الإدارية وأقل شعورا بضرورات التصالح مع مكونات الذاتية الثقافية للبلد.

وفي كل عقدين تقريبا كانت الأحداث البسيطة والحوادث العرضية تنذر بانفجار و انشقاق اجتماعي شعاره اللغة ومن ورائه الهوية وكأن الدولة التي ينبغي أن تتفرغ لمعارك التنمية لم تحسم بعد أولوياتها في خيار الهوية بل باتت تؤجل في كل مرة الحسم أو تعمد إلى الطرق على أبواب مفتوحة حسم فيها الدستور منذ ظهور الدولة الوطنية وبات التجسيد العملي يعوزه تطبيق النصوص القانونية.

وفي عامنا هذا تكررت الأحداث ذاتها بعد تصريحات لمسؤولين حكوميين عن مكانة اللغة وعادت إشكالية اللغة من جديد بقوة بعد تبادل للاتهامات بشأن سعي بعض الأطراف بتصريحاته الهادفة إلى التعريب وتخوف بعض الطلبة الزنوج من فرض إلزامية التعريب بما يترتب على ذلك من إقصاء ممنهج من سوق العمل.

وانبرى القوميون من الفئتين مشجعين أو مستهجنين للقرارات الجديدة وفي كل الحالات تغيب المعالجة العقلانية ويطغي الطابع الاستعراضي الذي لا يسعي لمناقشة كنه الموضوع بقدر ما يهدف إلى الالتفاف عليه بالأساس أو كسب معركة إعلامية تتجدد كل سنتين ويكتفي أصحابها بالتمترس وراء عبارات القهر والإقصاء من جهة أو الانغلاق والعمالة من جهة أخرى.

تجليات مفارقة:
تعيش موريتانيا تناقضا صارخا بين الجانب النظري القاضي بترسيم العربية وفق مقتضيات الدستور وبين الجانب التطبيقي في الترسيم الفعلي للفرنسية.

وتكشف المتابعة الميدانية للحضور الفعلي و القيمي لهذه المعاناة في واقع التداول اليومي والأمثال الشعبية وللتندر والتنكيت ولم تتمكن الدولة الوطنية في مسارها الاستقلالي من التملص من هذه المفارقة في تصوراتها أو ممارساتها فاستسلمت لواقع ضاغط ولم تتملك الشجاعة اللازمة لبدء خطوة الترسيم الفعلي للعربية.

حتى رواد الإصلاحات التربوية الموريتانيين كانوا يرسلون أبناءهم صباحا إلى المراكز الفرنسية لتلقي الدروس وينعشون المحاضرات مساء حول واجب التعريب، كل ذلك إيمانا بأن المستقبل الوظيفي يفرض التعاطي بالفرنسية وتشكيكا بقدرة اللغة العربية على المواكبة أو المنافسة والتي لم تعد تطعم خبزا ولا تفتح آفاق عمل بالمفهوم البراغماتي الخالص.

لقد ساهمت عوامل متعددة في تعزيز هذا الحضور الدائم للفرنسية والإبقاء على اللغة العربية خارج التداول اليومي ومن بينها الارتباط التاريخي العلائقي مستعمر مستعمر وندرة العنصر البشري المتخصص في المجالات الفنية عند تأسيس الدولة وعدم مواكبة النظام التعليمي لمقتضيات التعريب وحرص النخب الجديدة في الدولة على الظهور بمظهر المنفتح الحداثي.

وظلت النظرة الممتهنة لخريجي اللغة العربية في المرفق العمومي من أكبر تجذرات التفرنس بالإدارة الموريتانية ومع هذه تجذر الظاهرة لم يعد تملك الإرادة السياسية لوحده كافيا للقضاء عليها ولا إعلانات الشرف أو المبادئ ما لم تتنزل ضمن مسار عام شجاع وجريء غايته التطابق مع القوانين المنظمة والتصالح مع ذاتية الشعب المسلوبة دون خوف ولا تسييس بتكريس التطبيق الفعلي للغة العربية لغة للادارة الموريتانية.

إن الاختيار، و الحسم بالنسبة للعربية في الواقع نظري، لأنه ليس اختيارا سياسيا وإنما هو حسم حضاري ووجداني. لا أحد يمكنه أن يتجرأ إلى حد أن يدوس تراكم القرون ويحرم ويسب الأجيال القادمة. الاختيار الوحيد الممكن والمعقول، بالنسبة لنظام جديد نابع من اختيار الشعب، هو إعطاء المشاكل الأساسية المعطلة حلولها وتحقيق ما عجزت أو امتنعت عنه الأحكام محل الجدل في جميع مناحي الحياة العامة، انسجاما وتطبيقا لتطلعات أغلبية المواطنين.
ويربط العديد من الباحثين الموريتانيين بين واجب الدولة في حماية حدودها وواجبها في الدفاع عن مقدساتها الثقافية.

“إذا كان واجب الدول أن تدافع، لكي تستحق اسمها وشرعيتها، عن حوزتها الترابية والوجود المادي لسكانها، فإن عليها أيضا بنفس الإلحاح أن تدافع عن روح شعبها، الكائن المعنوي والاجتماعي، أي الخصوصية والتميز الثقافيين.

إن الشعب مستقل عن المجال الجغرافي، إنه موجود كتأكيد هوية وانسجام مجموعة مترتبة حول قيم معنوية واجتماعية. إن أي شعب يؤكد وجوده المستقل ويشارك بفعالية في التعددية المنتجة للتقدم بدفاعه عن خصوصيته.
إن الشعوب الصغيرة في العالم المتخلف مهددة في كينونتها بخطر الغرق في الفضلات الطاغية للثقافة الغربية. إن فرض ثقافة أجنبية ومكافحة الثقافة الوطنية، بمشاركة الأقوياء، يهدد بإيصالنا إلى حال اللاعودة: وضعية الاستلاب وقطع الجذور”9

ولا يعدم الباحثون تقديم أمثلة الذوبان الحضاري للشعوب المستلبة وكيف انقرضت روحيا وقيميا وهي موجودة.

إننا نعرف مصير حضارات الهنود الحمر، قبل الكولومبية. هذه الحضارات اللامعة انهارت بسبب الهجوم الشرس عليها من قبل الأوربيين. إن الهنود الحمر بعد فقدان ثقافتهم فقدوا توازنهم، بعد السيطرة عليهم واستلام الكنيسة المسيحية لهم وتعاملها معهم كأطفال، إنهم قد فقدوا كل طعم وكل ذوق للحياة وعاشوا في بؤس معنوي تعس.

إنهم لم يعودوا يستوعبوا أي شييء، ويتصرفون فقط كالآلات وفقدوا الذاكرة المباشرة. نتذكر الحادثة الشهيرة المثيرة للشفقة: كانت الكنيسة تدق الجرس عند منتصف الليل لتذكرهم بالواجب الزوجي، لأنهم إذا تركوا لمبادرتهم الخاصة حتى ذلك لن يطرق لهم بالا.

ويربط العديد من الموريتانيين بين بقاء الكيان الموريتاني بمدى محافظته على لغته العربية.

إن الحفاظ على الروح والثقافة الوطنية يمر بالحفاظ والدفاع عن اللغة العربية. إذا بقيت اللغة العربية في هامشيتها، محاربة على النسق الحالي، مع مباركة الدولة، فإن مصير موريتانيا قد ختم: شعب مسلوب سيفقد كل صواب ومعنى في الحياة وكل رجاء في المستقبل.

في ما يخص اللغة العربية يبدو أن هناك أحكاما مسبقة وعقد خارجة عن الزمن والعقل يصعب، موضوعيا، استيعابها.
إنه أصبح الآن من المتعارف عليه عند المربين والمفكرين أن أي شعب لا يمكن له أن يتفتق ويصل إلى النمو بدون لغته الخاصة. إن أمثلة اليابان والصين وفيتنام وماليزيا تبرهن بشكل رائع على دور اللغة الوطنية في التقدم والتطور، أمامنا إذا: إما مثل اليابان و الصين وماليزيا وإما نماذج هايتي و قوادلوبه. فلنختر بينها.

معارضون:
كلما أثيرت قضية اللغة العربية في موريتانيا يراهن الطرح التغريبي على رفع لافتة الفرنسية كعنصر محدد للأقليات الإفريقية متناسين إسهامات المجموعات الموريتانية الإفريقية في مقاومة الغزو الاستعماري واختراق اللغة الفرنسية وتحول قراها إلى قلاع حقيقية لمقاومة الثقافة الاستعمارية10.

تعددت مبررات رفض التعريب العملي من قبل النخبة المستغربة و كانت اليافطات التي يحملها معارضو التعريب هي أن التعريب سيتسبب في فقدان العشرات لوظائفهم وفي غلق الإدارة أمام الطلبة الجدد المفرنسين متناسين أن التمكين للفرنسية تسبب في تعطيل الآلاف المعربين الذين لم تفتح الإدارة أمامهم أصلا وتعمل المنظومة التربوية سنويا على تخريج المئات منهم ليزيدوا معدل البطالة.

وعادوا مجددا إلى تكرار سيمفونية الإقصاء والقهر الثقافي للأقليات بينما يعني تطبيق الفعلي لترسيم العربية وجوبا خلق الوعي بالذاتية الثقافية السليبة بمكوناتها المتعددة وإسهاماتها في إغناء التاريخ المشترك للبلد المتنوع.

وكثيرا ما لا تطرح بالنسبة للنخبة المستغربة إشكالية تطوير اللغات المحلية بإلحاح و إنما فقط متطلبات الحفاظ على الفرنسية مشجبا للتصدي للتصالح مع التاريخ والهوية الوطنية في تغافل تام عن بديهة أن الفرنسية دخيلة بالنسبة للمعربين و بالنسبة للأفارقة أيضا وهي لغة أجنبية لا يعني متطلب الانفتاح عليها ضرورة التمكين لها على حساب اللغات الوطنية.

معركة الهوية : مخاطر التسييس والانغلاق
إن واجب الترسيم الفعلي للغة العربية بموريتانيا لغة إدارة وعمل وكجزء حاسم من التعاطي مع إشكالات الهوية باتت تطرح بإلحاح وفي ظل تجذر الخرق يبدو الخروج عليه نوعا من العبثية مؤلم ولكنه مطلوب. وتبدو واجبات النخبة أكثر تأكيدا في الاضطلاع بدورها في هذا السياق.

إن قضية التمكين للعربية يتعين انتزاعها من لوثة التسييس الذي أضر كثيرا بالنظرة إلى العربية وبات بعض ينظر إليها لغة يعني تعميمها قهر الأقليات مع أن هذه الأقليات لم تعرف يوما قبل الاستعمار إلا العربية لغة علم وعمل حتى ولو راهنت بعض نخبها المغربة على التعلق بجدار سميك من الدفاع عن الفرنسية لا دفاعا عن اللغات الوطنية بل سعيا خالصا للحؤول دون التمكين للعربية.
وكثيرا ما عانت إشكالية اللغة من التوظيف السياسي في موريتانيا مع أن الإشكال في هذا الصدد هو إشكال قانوني بامتياز، وفي حالات عديدة تتهدد الاعتزاز بالهوية مخاطر الإقصاء للآخر والانغلاق على الذات وقد أخطا الكثير من المدافعين عن اللغة العربية في موريتانيا وباتت أطروحاتهم تشي بقدر من الانغلاقية والفوقية بل والعدائية حيال اللغات الاخري وحيال الانفتاح وأساءوا للطرح بقدر ما أساء المتنكرون لأحقيتها.

إن تكريس العربية بهذا المفهوم العملي والقانوني يحمل في حد ذاته تطويرا للغات الوطنية لأن العملية تعني بالأساس وفاء المجموعة الوطنية لقيمها الذاتية التي تشكل ضمانة استمرارها وخشبة خلاصها من كل سلب واستلاب حضاري، ومن هذا المنظور قد يفهم تلقائيا أن أية عملية استعادة وتثمين للهوية الثقافية تشمل وجوبا تعزيز المكونات الثقافية الأخرى من بولارية و سوننكية ولفية و ويتم النظر إلى التمكين للغة العربية كجزء من مسار تصالح مع المكونات الذاتية بما فيها اللغات الوطنية.

ولا إشكال في ضرورات التعايش بين اللغات وواجب التطوير المستمر للغات الوطنية التي تم في الثمانينات تأسيس معهد لتطويرها إلا أن طبيعة الأداتية والتسييس وفق المقاربات التي كانت طاغية حالت دون استدامته وإعطائه الزخم المناسب والدور المطلوب.

ما العمل؟ آليات التصالح مع الذات والقانون
إن المفارقة التي كانت محل مساءلة طيلة الصفحات السابقة تقتضي التسلح بالشجاعة اللازمة والوفاء للمطلب الجماهيري الملح والواجب الدستوري من قبل السلطات الموريتانية بالعمل على التمكين للعربية في محيطها الطبيعي.

غير أن المقاربة الشاملة تستدعي في البدء تخليص العملية من كل شوائب الاقصائية و الاستلاب والسياسوية ومباشرة الاجرءات التي بدونها تتحول عملية تكريس التعريب من محطة متدرجة ضمن محطات استعادة هوية أمة بما فيها تطوير اللغات الوطنية إلى مجرد سيطرة مكونة على أخرى مما يضر طابع التناغم والتكامل بين هذه المكونات.

من هذه الإجراءات:

  • العمل على تكريس التصالح مع المقتضيات القانونية بترسيم اللغة العربية فعلا لا قولا لا سيما في الإدارات؛
  • مراجعة النظام التربوي بما يكفل المزيد من الاهتمام بالعربية وضمان التواصل بين الأجيال المختلفة (الشعب الواحد باللغة الواحدة)
  • تطوير اللغات الوطنية بإعادة افتتاح المعهد الوطني لتعليم اللغات وتأهيله و تشجيع المراكز والبحوث حول التاريخ الوطني في تعدده البناء وثرائه المشهود؛
  • تكريس سياسة تعليمية منفتحة تجعل من تعلم اللغات الأجنبية أولويتها دون إحلالها المكانة الرسمية؛
  • تشجيع الاندماج المجتمعي وتعزيز أبعاد التنوع؛
  • تدعيم البحوث حول الهوية الوطنية ومناقشة أبعادها دون تابوهات ولا تسييس.

البيبليو غرافيا
1) موريتانيا في الذاكرة العربية/د حماه الله ولد السالم/الطبعة الأولى /مركز البحوث والدراسات العربية/بيروت/لبنان2005 – مركز دراسات الوحدة العربية /ط الاولى/بيروت لبنان/2005

2) السياق والأنساق في الثقافة الموريتانية/محمد ولد عبدى/دار نينوى للنشر /سورية/دمشق2009

3) الامارات والنظام الاميرى الموريتاني/د محمد المختار ولد السعد/الطبعة الأولى/ نوفمبر2007

4) المجتمع البيضانى فى القرن التاسع عشر/محمد ولد محمدن/منشورات معهد الدراسات الافريقية2001

5) تاريخ موريتانيا العناصر الأساسية/د حماه الله/مطبعة النجاح الجديدة/الدار البيضاء/2007

6) الفتاوى والتاريخ/محمد المختار ولد السعد/دار الغرب الاسلامى/الطبعة الاولى2000

7) موريتانيا المعاصرة/سيد أعمر ولد شيخنا/دار الفكر/نواكشوط موريتانيا2010-

8) موريتانيا على درب التحديات/المختار ولد داداه /كارتالا/باريس2006

9) صحراء الملثمين /د النانى ولد الحسين/ دار المدار الاسلامى /البعة الاولى /2007

10) حياة موريتانيا/التاريخ السياسي/المختار ولد حامد/دار الغرب الاسلامى/الطبعة الاولى/2000

11) قبايل البيضان عرب الصحراء الكبرى /الشيخ موسى كمرا/تحقيق د حماه الله ولد السالم/دار الكتاب العلمية /الطبعة الأولى/2009

12) الفقه والمجتمع والسلطة /يحي ولد البراء /المعهد الموريتاني للبحث العلمي.

13) الزوايا فى بلاد شنقيط في مواجهة الاستعمار ايزيد بيه ولد محمد محمود/المطبعة الوطنية/الطبعة الثانية 2003
14) التوغل الاستعماري في موريتانيا/الرائد جلييه/ترجمة محمدو ولد حمينا/الطبعة الأولى /دار الضياء /2007

15) موريتانيا الثقافة والدولة والمجتمع/مجموعة باحثين /مركز دراسات الوحدة العرب

16) Tribus ethnies et pouvoir en mauritanie \Philip marchesin\Editions KARTHALA paris

مركز مبدأ ينظم ندوة في مقاطعة الميناء

نظم المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الانسانية مبدأ مساء السبت 16 أكتوبر 2021 بقاعة الندوات ببلدية الميناء ندوة علمية تحت عنوان:” الأدوار التشاركية للتنمية بين المجتمع المدني والمنتخبين المحليين”


مسؤول الورشات بالمركز الأستاذ زيدان الحضرامي قال إن  :”  اللامركزية التي أصبحت الخيار الأمثل لتحقيق تنمية اجتماعية فاعلة ومندمجة بين مختلف الفاعلين خاصة في دول العالم الثالث التي لم تستقر بعد على نموذج تنموي بحد ذاته وهو ما يجعل دور الفاعلين والمجتمع المدني أساسي الى جانب ادوار البلديات والمجالس المحلية “
وأشار إلى أن هذا النشاط يأتي في “إطار مشروع اللامركزية الذي أطلقه المركز وبدأ من بلدية گرو بولاية لعصابة ثم تيارت في نواكشوط الشمالية وها نحن الْيَوْمَ بالميناء في نواكشوط الجنوبية وقريبا گورگل وترارزة.”
العمدة المساعد آيستا آبو جا رحبت في كلمتها بالحضور وثمنت جهود مركز مبدأ، وأعلنت عن استعداد البلدية للمشاركة في مثل هذه الانشطة التي تساهم في تعزيز مكتسبات الوطن والمواطن.
 د. سليمان حامدن حرمة قدم عرضا تحت عنوان:” دور المؤسسات المدنية في لامركزية صناعة القرار” ركز فيه على أهمية البعد التشاركي في التنمية في خلق فرص الفضاء العام، وتكوين تنمية ديناميكية وفعالة.
الخبير محمد محمود الشيخ البخاري قدم محاضرة حول المقاربة التنموية لبلدية الميناء ركز فيها على ثلاث نقاط هي: التشاركية وإشراك الفاعلين، وتشجيع العمل المشترك.
وأشار إلى أن هناك نوعا من التحكم الرسمي في البلديات هو ما جعل أداءها باهتا وضعيفا.
الأستاذ سي جبريل رئيس جمعية SOS نظراء المربون قدم عرضا عن تجارب التدخلات التنموية للمجتمع المدني المحلي “النظراء المربون كنموذج” ركز فيه على أهمية العمل المدني، مقدما نماذج من أداء منظمته التي تأسست قبل أكثر من عشرين عاما وقدمت مشاريع في مجالات الصحة، المياه التعليم .. إلخ
وختمت الندوة بالإجابة على أسئلة واستشكالات الحضور الكريم

مبدأ يمثل موريتانيا في ندوة مغاربية حول حقوق الإنسان

نظم المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإنسانية مبدأ بالشراكة مع مركز الأبحاث والدراسات الإنسانية -مدى- يوما دراسيا مغاربي بحضور منظمات المجتمع المدني تحت عنوان من أجل قانون جنائي دامج.
اليوم الدراسي المنظم – عن بعد- عبر تقنية زوم بدأ بمداخلة مع الدكتور المختار عبدلاوي (بث شبكي) حول القانون الجنائي: المشترك المغاربي بين الإكراهات المحلية والتطلع نحو الإصلاح.
بعد ذلك انطلقت الورشات على المستوى الإقليمي، فتم تقديم العروض مباشرة من قبل المنسقين في كل من تونس، موريتانيا، لييبا، المغرب.


ناقش المشاركون في المؤتمر توصيات إصلاح القانون الجنائي على المستوى المغاربي بغية مراجعتها ودمجها في ورشات مراجعة التوصيات النهائية، وتم في نهاية اليوم الدراسي صياغة تقرير تركيبي محلي.


وقد وقع المشاركون في اليوم الدراسي على الميثاق الشبكي الذي تم اعتماد بنوده وتقديم محاور للمرافعة عنه من قبل كل قطر مغاربي تراعي خصوصيته وطبيعته الاجتماعية والقانونية.

الكونية، الباحث عبد الكريم الحر

كثيرا ما ألهمتنا فلسفة أفردريك نيتشه حول مفهوم المطرقة، خاصة في المجال الأتيقي ومعارضته الشرسة للأمر القطعي الكانطي، حيث لم يدخر جهدا في هدم الفكرة الكونية الأخلاقية التي دعا كانط إليها<<ماذا علي أن أفعل؟ إفعل حسب القاعدة التي تريدها أن تكون قانونا كونيا>>[1]، متوخيا من وراء ذلك سيادة أخلاق كونية شمولية.

الصيغة الفردية التي صاغ بها كانط مقولته، هي النافذة التي أطل منها نتشه حاملا مطرقته، متحيرا كيف لأمر قطعي فردي أن يكون كونيا؟ وأنى لنا التوصل إلى أخلاق كونية في عالم يسوده الاختلاف والتنازع؟[2] وكأنه يتعجب من غباء كانط، وغير بعيد من ذلك انتهج اغلب الفلاسفة ومن درسوا الفلسفة إلى يومنا نهج النتشوية حول رأيها في الكانطية القطعية. وبالنظر لجائحة الكورونا وما تلاها من نصائح حول أن علي أن أفعل ما على أي فرد من الركن القصي فعله، كوسيلة للحد من هذه الجائحة، ألا يذكرنا هذا بأهمية التدبر في قول كانط أن علي فعل ما أريده أن يكون قانونا كونيا، وأنه ليس بالمستحيل التوصل لأخلاق كونية؟” ألم يحن زمن رفع فكرة السوبرمان[3] النتشوية؟

كورونا أرغمنا قصرا إلى الانتباه لأهمية الإنسانية، والمساندة باسمها حصرا، كما رد علينا كل قول كنا قد اعتمدناه حول ضرورة تشيء الإنسان، والتخلي عن محوريته. فالكوناتيس[4] الذي نادى به باروخ اسبينوزا هو أصدق مفهوم يمكننا إطلاقه على الصرخات التي تسود العالم الآن، فحب البقاء وما يقتضيه هو شغل العالم اليوم، وهذا ما يقتضي ضرورة وجود قيمة المسؤولية الفردية في إطار المسؤولية الجماعية، التي جسدتها مقولة جون استيوارت مل التي تفصل متى على المجتمع معاقبة أحد أفراده، مجيبا “أن لا حق لأي مجتمع في معاقبة أي قرد من أفراده إلا في حالة أتى الفرد فعلا من شأنه أن يضر الآخرين” واليوم يتركز الإجراء الوقائي في المقام الأول على حظر التجول ومنع التجمعات قدر الإمكان، ومن خالف ذلك دون إذن أو ضرورة يعرض نفسه للزجر اجتماعيا والعقوبة قانونيا، بتهمة الإخلال بالمصلحة العامة، وهو الشيء الذي أصبح جوهر التعاطي مع جائحة الكورونا، حيث على كل فرد أن يفعل لنفسه والعالم في الآن نفسه، كوسيلة لحصر الجائحة، والمحبة الكونية التي دعا إليها محمد عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف “…أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه” وهو المبدأ الذي جسده الدستور المدني المحمدي.

وهكذا إذا رأينا أن الكونية الكانطية التي بدت لنا مستحيلة في زمن ما، قد لاح في الأفق تجسدها، عمليا قبل الوعي بها نظريا، محكومة بحب البقاء، فهل يعني هذا أننا قد نشهد مدينة فاضلة أفلاطونية وإن على الطريقة الفارابية مستقبلا؟ فالمنطق قد ينكر ذلك، لكن المستحيل يضمحل ويتقهقر الإيمان به غالبا أمام الإرادة البشرية، حيث يقال إن “الإرادة البشرية قادرة على كل شيء، فنحن فقط من لا نريد”.


[1]  الأمر القطعي الكانظي، هو المبدأ الذي حاول كانط من خلاله تجسيد نظريته حول ضرورة وجود أخلاق كونية، لأنه يجعل من التحلي بالمسؤولية فرض عين كما يجب، وهذه الضرورة هي ما أكدتها جائحة الكورونا آنيا، حيث اختفت الإنية تاركة كل الحواجر للغيرية.

[2]  الفردية لا تبني الجماعية، بل كل إنسان لتفسه طبقا لنظرية السيد والعبد.

[3]  السوبرمان هي فكرة عند نتشه في فلسفته الأخلاقية كوسيلة  للتخلص من الأخلاق لأنه وصفها بمجال الضعفاء، ونادى بضرورة ابدالها بالرجل القوي حيث قسم الناس إلى قسمين، أسياد وعبيد وهو تقسيم ليس بالاقتصادي بل هو نفسي، فمن كان قوي نفسيا فهو سيد، ومن كان ضعيف نفسيا فهو عبد.

[4]  مفهوم لباروخ اسبينوزا “حب الحياة”، ويعني به أن كل شيء يصارع من أجل حياته، أي حب الحياة فحتى الشجرة حينما نقتلعها وننسى عن أحد عروقها فهو يقاوم للخروج لينبت كشجرة مرة أخرى، فكيف بالإنسان؟

موريتانيا والبنك الدولي (١) سيد أحمد أبوه


نشرت بعض صفحات افيسبوك الموريتاني اليوم رسالة موجهة من الممثلة المقيمة للبنك الدولي بموريتانيا إلى وزير الاقتصاد وترقية القطاعات الإنتاجية تتناول قرار البنك الدولي إغلاق شباك المِنَح المعبأة عبر تمويلات الوكالة الدولية للتنمية أمام موريتانيا لتجاوز حصة الفرد فيها من الدخل الوطني الخام لعتبة شرط الولوج لهذه المنح وكنت قد أشرتُ في السطور الأخيرة لتدوينة منشورة على هذه الصفحة بتاريخ 27 أغشت 2021 إلى توقع هذا الاحتمال والآن أعود لتناول الموضوع سعيا إلى المساهمة في توضيح سياق وآثار هذا القرار.
بعد خمسة عشر سنة على إنشائها (1945) لتعمير أوربا المدمرة بفعل الحرب العالمية الثانية وفِي أوج ولوج بلدان كثيرة في إفريقيا وآسيا إلى الاستقلال عن مستعمريها المنهكين بفعل الحرب قررت مجموعة البنك الدولي سنة 1960 إنشاء شباك مالي موجه لتنمية البلدان الفقيرة والحديثة العهد بالاستقلال سمته “الوكالة الدولية للتنمية IDA” وهي إحدى خمس مؤسسات تشكل مجموعة البنك الدولي.
تعتمد الوكالة شرطين ضروريين للولوج لمواردها المالية ( منح، شبه هبات وقروض ميسرة) فلابد أن يكون البلد فقيرا نسبيا أي أن حصة الفرد فيه من الدخل الوطني الخام (وهو محدد اقتصادي مشابه للناتج الداخلي الخام ولكنه يشمل ايضا التحويلات من خارج البلد) أدنى من عتبة يتم احتسابها سنويا بمناسبة إعداد موازنة الوكالة والتي تغطي سنة مالية تبدأ على غرار جل المنظومات الآنجلوسكسونية من فاتح يوليو وقد تجاوزت موريتانيا وللعام الثالث على التوالي هذه العتبة ثم كشرط ثان لابد أن تكون وضعية مديونية البلد حادة بحيث لا تسمح له من الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية بشروط السوق وبعد التأكد من هذين الشرطين يتم تقييم البلد على مسارين أولهما وهو المهم يتم عبر آلية تقييم تسمى “تقييم السياسات والمؤسسات بالبلد CPIA أي (Country Policy and Institutional Assessement) وهو تقييم لستة عشر معيار موزعة على أربع مجموعات كما يلي:
المجموعة الأولى وتغطي “التسيير الاقتصادي” وتشمل السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف، سياسة الميزانية، سياسة تسيير المديونية.
المجموعة الثانية وتغطي “السياسات البنيوية” وتشمل السياسة التجارية، القطاع المالي، الإطار التنظيمي للشركات والمؤسسات
المجموعة الثالثة وتغطي” سياسات محاربة التهميش الاجتماعي وترقية المساواة” وتشمل المساواة بين الجنسين، الإنصاف في استخدام الموارد العمومية، تثمين المصادر البشرية، الحماية الاجتماعية واليد العاملة، السياسات والمؤسسات المرتكزة على الاستدامة البيئية.
المجموعة الرابعة والأخيرة وتغطي “تسيير ومؤسسات القطاع العمومي” وتشمل حقوق الملكية والحكامة المؤسسة على قواعد، جودة التسيير الميزانوي والمالي، كفاءة تعبئة الإيرادات، جودة الإدارة العمومية، الشفافية والمساءلة والرشوة في القطاع العمومي.
يتم تقييم كل معيار على سُلّم من ست درجات (1 هي أسوأ نتيجة و 6 هي أفضل نتيجة) ويتم بعد ذلك حساب المتوسطات حسب الأوزان المعيارية لتحديد النتيجة السنوية المندمجة للبلد (البلدان التي تتحصل على نتيجة أدنى من 3 تصنف في التقييم على أنها بلدان هشة (fragile states) وتلك الواقعة نتائجها بين 3 و4 بلدان غير هشة وما بعد 4 بلدان صلبة مؤسسيا.
للعام الرابع على التوالي تحافظ موريتانيا على نتيجة 3,4 وقد حققت أعلى نتيجة قطاعية في التقييم على مستوى عدة معايير في المجموعات الأربعة بمعدل 4 وحققت أدنى نتيجة في التقييم على مستوى القطاع المالي وبمعدل 2,5 (لا غرابة في هذا كما سيتم تناوله في التدوينة القادمة). معيار التقييم الثاني للبلدان هو تنزيل نتيجة البلد على فعالية محفظة مشاريعه الممولة عبر الوكالة الدولية للتنمية.
قرار الوكالة الجديد هو تطبيق تلقائي لنصوصها التنظيمية ولا علاقة له بالسياسة ولا بالنجاعة ولا بعدم النجاعة ولكنه سيطرح سياقا جديدا لتسيير سياسة تعبئة الموارد لتمويل التنمية.

يتبع…

مركز مبدأ ينظم ندوة علمية حول اللامركزية بمدينة گرو

نظم المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإنسانية- مبدأ اليوم السبت 25 سبتمبر 2021 بقاعة الندوات ببلدية گرو ندوة علمية  تحت عنوان: “دور المجالس المحلية في بناء تنمية حيوية “
مسؤول الاتصال بالمركز الأستاذ الحسن الحسين قال إن الندوة تأتي في” إطار لامركزية الأنشطة التي ينتهجها المركز، من أجل تعزيز طموح اللامركزية وتعميم حق كل مقاطعات وبلديات وقرى موريتانيا، في المعرفة ونقاش الاشكالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مع الفاعلين والوجهاء وأصحاب الرأي وصناع القرار.”
وأضاف : “أن التنمية التي تخدم هذه المجتمعات ستكون  بدون شك تنمية تشاركية قائمة على الاستدامة والانتاجية وتركز على الخصائص المحلية لكل مقاطعة وبلدية وحتى حي.”
وأشار إلى أن “تركيز المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية على “فاعلية المجتمع المدني وجهود الشباب والوجهاء الجدد في خلق التحول المنشود والرفع من مستوى أداء هذه المجالس. “
الأستاذ محمد الناجي رئيس مصلحة المجموعات الترابية والتنمية المحلية بمقاطعة گرو ركز على “أهمية إشراك الشباب في تسيير هذه المجالس ومعالجة تلك الاختلالات البنيوية سواء التقليدية منها وغيرها”
وأضاف: ” لابد من خلق التنمية واكتشاف القدرات وتعزيزها وتقديم الكفاءة والخبرة بدل التركيز على بيئات ما قبل الدولة مثل القبيلة  والفئة، وطالب بضرورة إيجاد خطط تنموية عاجلة وسريعة تساعد هذه المجالس”
المدير الإداري والمالي – بالنيابة- للمجلس الجهوي لولاية لعصابة السيد محمد محمود ولد عبدي تحدث “عن معوقات وإشكالات عمل هذه المجالس المحلية معددا بعضها مثل:  ضعف الوعي بأهمية هذه المجالس، وكذلك ضعف مشروع اللامركزية، وضعف او انعدام الموارد الذاتية لهذه المجالس وكذلك ما سماه لا واقعية مطاليب بعض السكان”
مضيفا : ” لكي نتجاوز هذه الإشكالات لابد من مراجعة التقطيع الإداري، وإضافة شروط الكفاءة والتعليم للمنتخبين، والتعاون مع مهندسين وخبراء للقيام بالأعمال الفنية”
الناشط الشبابي إسماعيل امحمد تحدث عن دور الشباب كرافعة للتنمية مشيرا إلى غياب هذا الدور في الوقت الحالي، وأهمية تفعيل حضور الشباب في المجالس المحلية.
الندوة التي شارك فيها نشطاء في المجتمع المدني، وساسة، وصناع رأي من مقاطعة گرو، وقد انصبت مداخلات الجمهور حول ضرورة فهم أدوار هذه المجالس وتعزيزها جهودها.