تعد التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي (مالي، بوركينا فاسو، النيجر، تشاد، نيجريا وتخوم دول خليج غينيا) نتيجة تفاعل وتضافر معقد لعوامل سياسية، أمنية، اقتصادية، بيئية، واجتماعية. ولا يمكن إرجاعها لسبب واحد أو إثنين فهي متعددة الأسباب والأبعاد والمظاهر
وقد أومأ مؤشر الإرهاب العالمي1 إلى أن بوركينا فاسو هي الدولة التي شهدت أكبر عدد من القتلى في عام 2024، حيث سُجل مقتل 1907 شخص، وهو ما يمثل 22% من إجمالي عدد القتلى نتيجة الإرهاب في العالم. كما شهدت البلاد أكبر زيادة في عدد القتلى مقارنة بعام 2023، بزيادة قدرها 68%. ووقعت أربع من بين عشر هجمات إرهابية الأكثر دموية في العالم في بوركينا فاسو. على سبيل المثال، قُتل 170 مدنيًا في هجوم على قرية في شمال البلاد.
وصلت مالي إلى المركز الثاني عالميًا ب 1589 قتيلًا، تليها إيران ب 994 قتيلًا، ثم باكستان ب 689، ونيجيريا ب 649. وباستثناء إيران وباكستان، اللتين تعدان من الدول المتضررة من داعش وطالبان، تواجه البلدان الأفريقية في الساحل (بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا) مجموعات متطرفة تعمل تحت راية الدولة الإسلامية أو القاعدة.
علاوة على ذلك، أصبحت منطقة الساحل، منطقة انتشار متسارع للإرهاب. ويبرز المؤشر أن هذه المنطقة تمثل 47 % من عدد القتلى بسبب الإرهاب في العالم، على الرغم من الانخفاض العام في الهجمات. لكن إحدى الخصائص التي تميز العنف في هذه المنطقة هي أنه موجه ضد المدنيين، حيث استهدفت حوالي 70 % من الهجمات المسجلة المدنيين، لا سيما في القرى والمناطق الريفية النائية، بينما انخفض عدد القتلى في صفوف الجيوش، مما يعكس تغييرًا في استراتيجية الجماعات المتطرفة، التي تهدف إلى كسر معنويات السكان، والسيطرة على المناطق، وتعطيل جهود الدولة.
يشير التقرير أيضًا إلى أنه في منطقة الساحل، لا تكتفي الجماعات المسلحة بتنفيذ عمليات عسكرية من نوع حرب العصابات، بل تدير أيضًا بعض الأراضي، وتجمع الضرائب، وتفرض قوانينها، على السكان الذين تُركوا لوحدهم في مواجهة الجماعات المسلحة، في غياب تام للدولة.
وقد نتجت هذه التطورات التي جعلت من الساحل النقطة المحورية للإرهاب العالمي وقاعدةً للعنف المسلح، عن عدة عوامل منها أسباب داخلية وأخرى خارجية:
الأسباب الداخلية
• ضعف المؤسسات الحكومية: الحكم المركزي، الذي غالباً ما يتسم بالفساد والمحسوبية وسوء الحكامة، يحد من قدرة الدول على تقديم الخدمات الأساسية وضمان الأمن. ويؤدي هذا النقص إلى فقدان الثقة من قبل السكان تجاه الحكومات. كما تعاني دول الساحل من عدم الاستقرار السياسي المزمن، والانقلابات العسكرية المتكررة،
• استغلال النزاعات التاريخية بين المجتمعات والتوترات العرقية (على سبيل المثال بين الفولان والدوغون في مالي) أو بين الرعاة والمزارعين. هذه الصراعات، التي غالباً ما ترتبط بالتنافس على الموارد المائية والغابية، تتحول إلى أعمال عنف دورية. وتستغل الجماعات المتطرفة غالباً النزاعات العرقية والمجتمعية لتبرير وجودها وتسهيل تجنيد الشباب. على سبيل المثال، تم استهداف بعض المجتمعات الفولانية من قبل الجماعات المسلحة ومن قبل ميليشيات الدفاع الذاتي أو القوات الحكومية.
• استفحال الفقر المدقع، وارتفاع معدلات البطالة، وغياب الخدمات العامة الأساسية مثل التعليم والصحة والماء المعين والطاقة والمواصلات والأمن، مما يجعل السكان عرضة للدعاية المتطرفة والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة، وفعلا يؤدي نقص الفرص الاقتصادية، خصوصًا للشباب، واستبعاد بعض المناطق من جهود التنمية (مثل شمال مالي) إلى إنشاء بيئة خصبة لتجنيد الجماعات المسلحة أو الميليشيات.
• تجاوزات قوات الأمن وظلمها للسكان: تزيد الجيوش غير المكونة والمؤطرة والمموَّلة والمجهزة بشكل جيد وكاف، من توتر الأوضاع بانتهاكها لحقوق المواطنين وتقلل من شرعية الدول أمام السكان.
• النمو السكاني غير المضبوط: يؤدي نمو السكان المتسارع إلى زيادة الضغط على الموارد الطبيعية المحدودة بالفعل، مما يزيد من حدة النزاعات المحلية والصراعات على الموارد. كما أن الإدارة غير الفعالة للموارد الطبيعية في غياب السياسات الواضحة لإدارة المياه والمراعي أو الأراضي الزراعية والتعدين الأهلي، تذكي التنافسات المحلية، خاصة في سياق تغير المناخ
• المظالم التاريخية التي ترجع غالبًا إلى فترة الاستعمار والسنوات التي تلت الاستقلال، تغذي الرفض والثورة والخروج على السلطة في دول الساحل الأفريقي متجذرة بعمق في الديناميات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. منها:
الإرث الاستعماري: ترك الاستعمار حدودًا وهمية تقسم المجتمعات العرقية والثقافية، مما يخلق توترات بين الجماعات. كما أن الهياكل الإدارية، التي كانت غالبًا قائمة على الاستغلال والتهميش لبعض السكان، ساهمت أيضًا في استمرار تلك الممارسات بعد الاستقلال. يسكن في الساحل والصحراء الكبرى، أثنيات من البدو الرحل كالعرب والطوارق والفلان والكانوري والتوبو، يتبعون لدول يمثلون أقلية فيها ولا تولي أي اهتمام بتنمية مناطقهم أحرى إشراكهم في الشأن الوطني أو الاعتناء بثقافتهم أو دينهم. مع أن هذه الأثنيات هي التي كانت تحكم هذه المناطق قبل الاستعمار وقد حاربوه حتى تغلب عليهم. وبعد الاستقلال، واصلت الحكومات تهميش هذه المناطق وهذه المجتمعات، وخاصة المناطق الريفية والبعيدة من المركز. غالبًا ما كانت الموارد والاستثمارات تتركز في العواصم والمراكز الحضرية، مما ترك بقية السكان في حالة من التخلف المزمن. لذلك يرون أن الأحكام الحالية امتداد للحكم الاستعماري.
وفضلا عن ذلك أدت الانقسامات الإثنية والمجتمعية، التي تفاقمت أحيانًا بفعل هذه السياسات، إلى توترات وعنف متكرر، إذ تشعر هذه المجموعات أنها مستبعدة من السلطة والموارد، مما يغذي المطالب الهوياتية والصراعات.
وطالما استبدت الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية في الساحل وقمعت الحريات والحقوق الأساسية. تاركة ومرسخة لدى السكان، إرثًا من عدم الثقة تجاه المؤسسات السياسية وطموحًا نحو حكم أكثر عدلاً وديمقراطية.
وفي هذا المجال، شهدت بعض المجتمعات، ولا سيما البدو الرحل، انتهاكًا وقمعًا لحقوقها الثقافية واللغوية من قبل الحكومات المركزية. وغذى هذا الإنكار لهويتها مطالبات بالحكم الذاتي أو الانفصال.
ويشتكي السكان من فرض اللغة الفرنسية عليهم. وتهميش اللغة العربية والثقافة الإسلامية، ورغم فرض نظام التعليم الفرنسي عليهم منذ الاستقلال، فإنهم حافظوا على مدارسهم الأهلية التي أصبحت تتوسع وتستقطب أعدادا أكثر على مر السنين حتى أصبح في هذه الدول نظام تربوي موازي متكامل، غير أنه ممول من طرف الأهالي أساسا وما زالت الدول في الساحل لا تعترف بشهادات هذا النظام التربوي الأهلي والفرص أمام خريجيه قليلة والدوائر الحكومية لا تكتتبهم ولا تقدم لهم أي عون. ونجد نفس الشعور بالغبن الثقافي لدى المسلمين عامة في الدول التي لا يمثلون فيها الأغلبية، كساحل العاج وغانا والتوكو وبنين وبركنا فاصو .
كما كانت الثروات الطبيعية في الساحل تُستغل غالبًا من قبل شركات وفاعلين أجانب بالتواطئ من النخب المحلية، دون أن يستفيد السكان المحليون منها بأي شكل من الأشكال. ولقد غذى هذا الاستغلال وهذا التواطؤ شعورًا بالظلم والنهب. من الأمثلة على ذلك منطقة أرليت في شمال النيجر التي كانت تصدر اليورانيوم لفرنسا منذ أكثر من خمسين سنة، لم ينعم فيها السكان بالكهرباء إلا منذ فترة وجيزة.
وتستغل الجماعات المسلحة هذه المظالم كلها لاكتتاب الشباب واستقطاب المجموعات ورجال الدين والقيادات التقليدية.
الأسباب الخارجية
• انهيار ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، مما أتاح تدفق العديد من الأسلحة الثقيلة والمقاتلين نحو الجنوب، لا سيما نحو مالي، النيجر وتشاد. مما سهل صعود التمرد المسلح في شمال مالي، ومهد الطريق للتدخل الفرنسي (عملية سرفال في عام 2013)، تليها تدخلات دولية أخرى.
• مع سقوط الموصل في 2017 والرقة في 2019، أجبرت الجماعات المتطرفة على البحث عن مواطن جديدة لانتشارها وأصبحت أفريقيا، خاصة الساحل، أرضًا خصبة لهذا التحول. وظهرت مجموعات مرتبطة بالدولة الإسلامية، مثل الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى (EIGS) أو الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا ( ISWAP). ، كما وطدت القاعدة وجودها بإنشاء منظمة خاصة بالساحل يرأسها ويديرها أبناء المنطقة، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين
• فشل التدخلات العسكرية الأجنبية في احتواء التهديد. على الرغم من مرور أكثر عقد من الزمن من الوجود العسكري، لم تتوقف الهجمات عن الزيادة. وهذا ساهم في تغذية الشعور المعادي للغرب في عدة دول في الساحل، مما دفع المجالس العسكرية الحاكمة إلى طرد القوات الغربية والاتجاه نحو شركاء آخرين مثل روسيا والصين وتركيا والإمارات العربية.
• أصبح الساحل ساحة جديدة للصراع على النفوذ الدولي: في ظل انسداد التدخلات الغربية، لاسيما الفرنسية، تتدخل فاعلون جدد في أفريقيا. وهكذا عززت روسيا، من خلال مجموعة فاغنر وبعدها أفريكا كوربس، وجودها في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو. وفي المقابل، تعتمد الصين على القوة الناعمة والاستثمارات الاقتصادية وتدريب قوات الأمن الأفريقية. بينما تبقى الولايات المتحدة، رغم كونها أكثر تخف، متورطة من خلال قواعد الطائرات بدون طيار، والاستخبارات، والعمليات الخاصة. وتتدخل أيضا تركيا في النيجر وتحاول الأمارات العربية تعزيز شراكات مع دول المنطقة.
• تستخدم الشبكات الإجرامية منطقة الساحل كطريق عبور للمخدرات القادمة من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا. وتعمل هذه الشبكات على إضعاف السلط القائمة لتسهيل مرور قوافل السيارات المحملة بأنواع المخدرات من موانئ المحيط الأطلسي إلى الحدود الليبية
• تغير المناخ: على الرغم من أن دول الساحل تسهم بقدر ضئيل في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، تؤدي الفيضانات والجفاف إلى نقص في الموارد. وهذا يؤدي إلى تفاقم النزاعات بين المزارعين ورعاة المواشي على استغلال الموارد المائية والغابية، وهي الصراعات التي تستغلها الجماعات المتشددة لزرع الخلاف والشحناء بين المجموعات الأثنية. وكلما كبرت المدن بفعل هجرة سكان الريف، تتوسع على حساب الأراضي الزراعية التي تتمدد هي الأخرى على حساب مساحات الرعي، حتى كادت تختفي في بعض المناطق
• وأصبح الشباب الساحلي في غياب فرص التكوين والتشغيل، منخرطا في النشاطات العسكرية بجميع أنواعها من مرافقة وحراسة قوافل المخدرات إلى الدفاع عن الحي في إطار مليشيات الدفاع الذاتي أو الانخراط في الجماعات المسلحة المتطرفة. ولا يتطلب الأمر كبير عناء إذ يتعلق بإتقان قيادة الدراجات النارية واستعمال GPS و الأكا47 وهي أمور سهلة نسبيا
وتخلق المظالم التاريخية، جنبًا إلى جنب مع التحديات المعاصرة، بيئة خصبة للثورة وعدم الاستقرار في المنطقة. هذه الديناميكيات الداخلية – بالتزامن مع التحديات الخارجية – تخلق حلقة مفرغة من عدم الاستقرار..
الوضع الحالي
• العمليات العسكرية في منطقة الساحل الأفريقي تؤثر على عدة مناطق جغرافية، تتركز أساسًا في المناطق الحدودية والريفية التي غالبًا ما تكون صعبة الوصول لقوات الأمن.
المناطق الرئيسية المتأثرة:
• شمال مالي: تعتبر هذه المنطقة، لا سيما مناطق غاو، كيدال وتومبكتو وتاودني ومنيكا، بؤرة رئيسية للأنشطة الجهادية منذ أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. تعمل فيها جماعات مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQMI) ودولة الإسلام في الصحراء الكبرى (EIGS)، مستغلة الفراغ الأمني والتوترات المجتمعية.
•وسط وغرب مالي: تتعرض منطقتا موبتي وسيكو لهجمات جهادية، غالبًا ما تكون مرتبطة بالصراعات بين المجتمعات بين المزارعين والرعاة. تستغل الجماعات المسلحة هذه التوترات للتجنيد وتوسيع نفوذها. كما قامت الجماعة المسماة (JNIM) بتنفيذ عدة كمائن ضد القوات المالية وحلفائها في مناطق كوليكورو وكاي، بالقرب من الحدود السينغالية والنيور والنواره بالقرب من الحدود الموريتانية.
تم الإبلاغ في الأسابيع الماضية عن هجمات ضد قوافل صهاريج الوقود المحمية من طرف الجيش.. في محاولة لقطع الإمداد بالوقود عن العاصمة باماكو وإن نجحت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في ذلك، فسيكون للحدث تداعيات كبيرة في مالي والمنطقة برمتها. ودأبت مجموعة دعم الإسلام والمسلمين منذ مارس 2021 على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بينها وبين الجماعات الريفية المحلية، ” بموجبه يتبادلوا سلامًا نسبيًا مقابل احترام السكان لبعض الأحكام، أو مقابل دفع جزية”، كما حدث لأول مرة في قرية فارابوغو، بالقرب من سوكولو، في منطقة سيغو.
• المناطق الحدودية بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، التي تُعرف غالبًا بـ”منطقة الثلاثة حدود، ليبتاكو كرما”، معرضة بشكل خاص لهجمات الجهاديين نظرًا لبعدها من المراكز الحضرية وحضور ضعيف للدول فيها.
• بوركينا فاسو: الشمال والشرق من البلاد، ولا سيما مناطق الساحل والوسط ، تأثرت بشدة بهجمات الجهاديين، مثل أنصار الإسلام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا.
• النيجر: المناطق الحدودية مع مالي وبوركينا فاسو، وخاصة تيلابيري وطاوا، هي مناطق رئيسية لنشاطات الجهاديين وكذا الجنوب الشرقي من النيجر، بالخصوص ولاية ديفا بالقرب من الحدود مع نيجيريا، تأثر أيضًا بغزوات بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا
• تشاد : حوض بحيرة تشاد، المشترك مع نيجيريا والنيجر والكاميرون، هو منطقة عمليات لبوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا. تنفذ هذه الجماعات هجمات ضد المدنيين وقوات الأمن هناك.
•شمال نيجيريا: على الرغم من أن شمال نيجيريا يقع خارج منطقة الساحل الضيقة، إلا أنه يعد بؤرة رئيسية للنشاط الجهادي، لا سيما مع بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا. ولهذه الجماعات صلات بشبكات متطرفة تعمل في منطقة الساحل.
• توسيع نطاق تدخل الجماعات المسلحة في الساحل نحو الدول الشاطئية مثل كوت ديفوار، بنين، غانا وتوغو هو تطور مقلق يعكس الديناميكية المعقدة لانعدام الأمن في المنطقة.
هذه الجماعات، المرتبطة غالبًا بشبكات جهادية مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أو الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى تستغل الهشاشة المحلية لتمديد نفوذها. وتوجد عدة عوامل تفسر هذا التوسع منها الضغط العسكري المتزايد في الساحل: العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الوطنية والدولية دفعت بعض الجماعات المسلحة للانتقال إلى مناطق أقل مراقبة، في الدول المطلة على خليج غينيا، لتوفر غابات وكهوف تصعب السيطرة عليها عسكريا وإخراجهم منها.
. مسامية الحدود: إذ غالبًا ما تكون السيطرة صعبة عليها، مما يسهل الحركات عبر الحدود للمقاتلين والأسلحة
وتعرف هذه الدول الشاطئية هشاشة محلية على الرغم من أنها مستقرة نسبياً، إلا أنها تظهر نقاط ضعف مثل التوترات الاجتماعية، والفجوات الاجتماعية-الاقتصادية، وحكامة أحياناً ضعيفة. ويتم استغلال هذه العوامل من قبل الجماعات المسلحة للتجنيد وبناء أسس للعمل العسكري كجمع المعلومات ووضع خطط للإمدادات والتخفي.
الروابط مع الشبكات الإجرامية: تتعاون بعض الجماعات المسلحة مع شبكات الاتجار بالمخدرات، والأسلحة، والبشر لتمويل أنشطتها، مما يسمح لها بالتوسع نحو المناطق الشاطئية، حيث تكون هذه الشبكات متجذرة ونشطة.
تتميز هذه المناطق بمزيج من العوامل التي تعزز توسع الجماعات الجهادية: الفقر، التهميش، سوء الحكامة والتوترات بين المجتمعات. وتؤدي العمليات الجهادية هناك إلى عواقب مدمرة، بما في ذلك النزوح الجماعي للسكان، وأزمات إنسانية، وانعدام الأمن المستمر.
التداعيات
في الساحل، يحتاج 28.7 مليون شخص في بوركينا فاسو، والكاميرون، ومالي، والنيجر، ونيجيريا وتشاد إلى مساعدة إنسانية عاجلة إذ تم إجبارهم على الفرار من منازلهم، ولا يمكنهم توفير الطعام أو المياه الصالحة للشرب لعائلاتهم، وفقدوا بغض أفراد أسرهم فضلا عن سبل عيشهم، وليس لديهم إمكانية الوصول إلى الحماية والخدمات الاجتماعية الأساسية.
وحسب خطة الاستجابة والقدرة على الصمود للاجئين الماليين في موريتانيا 2025، أدى انعدام الأمن المستمر في مالي إلى تدفق مستمر للاجئين إلى موريتانيا، مع توقع حوالي 318,000 لاجئ بحلول نهاية عام 2025. هذه الحالة تضغط على الموارد والخدمات في منطقة الحوض الشرقي، والتي تعد واحدة من الأكثر تأثراً في البلاد.
• تفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي.
• انهيار أنظمة الرعاية الصحية.
• انتشار الأمراض مثل الملاريا وسوء التغذية.
• إغلاق آلاف المدارس، مما أثر على تعليم ملايين الأطفال.
• نقص في إمدادات المياه النظيفة
• ضغوط كبيرة على المجتمعات المضيفة والبنية التحتية
• تبرير التدخلات الخارجية المتنافسة على النفوذ واستغلال الثروات
الآفاق الواعدة
الطريق إلى الاستقرار والأمن سيكون طويلا وشاقا، لكن مزيجًا من التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، والتعاون الدولي يمكن أن يفتح الطريق نحو استقرار تدريجي
• الاستثمار في التنمية: التعليم، توظيف الشباب والخدمات الأساسية
• مقاربة متكاملة: تجمع بين الإجراءات العسكرية الوقائية وبرامج التنمية القاعدية والحوار المجتمعي
• إشراك القادة الدينيين والتقليديين والشباب والنساء في عمليات السلام والوساطة والسياسات التنموية
• تعزيز التعاون الإقليمي عن طريق التحالفات الجهوية والاستفادة من الدعم الدولي وتكثيف جهود التنسيق.
• تنمية صمود المجتمعات المحلية: عن طريق مبادرات مجتمعية (الوساطة، إدماج المقاتلين التائبين) لمواجهة هيمنة الجماعات المسلحة.
• دعم القوات المحلية: تدريب وتجهيز الجيوش الوطنية لتجنب الانتهاكات ضد المدنيين
نماذج من الممارسات الجيدة
• مبادرات الوساطة للسلام:
◦ الاتفاقات المحلية في مالي (مثل في منطقة ميناكا): سهل زعماء المجتمع التقليدي اتفاقات سلام بين الجماعات المسلحة والسكان المحليين، مما قلل مؤقتًا من أعمال العنف. تعتمد هذه المبادرات على آليات تقليدية لحل النزاعات.
◦ منصات الحوار في النيجر: في بعض المناطق، سمحت المنصات المجتمعية بتخفيف التوترات بين المزارعين والرعاة، والتي غالبًا ما استغلتها الجماعات المسلحة.
• . برامج إعادة الإدماج ومكافحة التطرف:
◦ برامج إعادة الإدماج في بوركينا فاسو: سمحت المبادرات المحلية، المدعومة من قبل المنظمات غير الحكومية والشركاء الدوليين، بإعادة دمج بعض المحاربين السابقين في مجتمعاتهم من خلال التدريب المهني والمشاريع الاقتصادية.
◦ مراكز مكافحة التطرف في تشاد: تم إنشاء مراكز متخصصة لإعادة تأهيل الأفراد المتورطين في الجماعات المسلحة، من خلال الجمع بين التعليم الديني، التدريب المهني والدعم النفسي.
• الصمود الاقتصادي والاجتماعي:
◦ مشاريع زراعية في مالي والنيجر: – دعمت برامج محلية التعاونيات الزراعية وأنظمة الري، مما زاد من الأمن الغذائي وقلل من هشاشة السكان تجاه التجنيد من قبل المجموعات المسلحة.
◦ مبادرات ريادة الأعمال في بوركينا فاسو: – أتاحت مشاريع التمويل الصغير والتدريب للشباب، وخاصة النساء، إنشاء أعمال صغيرة، مما يوفر بدائل اقتصادية للانخراط في المجموعات المسلحة.
• حشد الشباب والنساء:
◦ جمعيات الشباب في النيجر: نظمت مجموعات من الشباب حملات توعية ضد التطرف ورعت أنشطة ثقافية ورياضية لتعزيز التماسك الاجتماعي.
◦ تجمعات النساء في مالي: لعبت النساء دورًا رئيسيًا في المبادرات المتعلقة بالوساطة وإعادة بناء المجتمع، وخاصة من خلال تسهيل الحوار بين الجماعات المسلحة والسلطات المحلية.