18 أبريل، 2024، والساعة الآن 12:20 مساءً بتوقيت نواكشوط
Google search engine

رؤية القرآن الكريم لترسيخ ثقافة الحوار ومعالجة ظاهرة التطرف

                               الدكتور الشيخ التجاني احمدي*

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على من أفصح من نطق بالضاد جملة وتفصيلا، وبعد

فإن القرآن الكريم حفل بنصوص كثيرة حول الحوار، يأمر به ويحض عليه وينوه بقيمته ويقدم نماذج من حوارات الأنبياء والمرسلين، التي ينبغي أن يتأسى بها كل مسلم ومؤمن بالله، مع مختلف أصناف البشر من أبناء الحضارات. وقد بين الآلية الفريدة لتعامل الإنسان مع قضية الاختلاف، والقبول بالآخر، واستثمار وتوظيف الاختلاف وترشيده بحيث يقود إلى التعارف، ويبعد عن الصراع العنيف والقطيعة الانعزالية والاحتكار الاستبدادي.

والتطرف باعتباره يقوم على إلغاء التعدد الإنساني كلية أو يتجاهله، فإنما يروم محالا ويطلب ممتنعا، ويتمنى مخاطر الشقاق، وقد ناقض القرآن الكريم، لذا كان القرآن الكريم حاسما مع هذا الموقف، وخط المنهج الحواري الذي ينبغي للإنسان أن يسير عليه، وعرض لأساليبه ونماذج منه، مما يعطي المتأمل فيه نظرة متكاملة عنه، لأن الإسلام دين للعالم جميعا لا يختص بفئة منعزلة متعصبة قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ (الإسراء: 105) ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (سبأ: 28).

ويمكن تبين رؤية القرآن الكريم لترسيخ ثقافة الحوار ومعالجة ظاهرة التطرف من خلال المبحثين الآتيين:

المبحث الأول: رؤية القرآن الكريم لحل معضلة التطرف بالحوار

تقوم رؤية القرآن الكريم لحل معضلة التطرف على ضرورة كفالة الحريات العامة، وتنمية الوازع الديني والخلقي، ويعتبر الحوار الملتزم بالضوابط والأهداف النبيلة الوسيلة الأمثل لترسيخ هذه المبادئ، ويمكن إيضاح ذلك من خلال المطلبين الآتيين:

المطلب الأول: الحوار في القرآن وسيلة لكفالة الحريات

إن القرآن الكريم يحترم حريات جميع الفئات، حتى وإن كانت متحفظا عليها، وتاريخ الإسلام في كافة عهوده يشهد بأن المسلمين لم يفرضوا دينهم في البلاد التي فتحوها، وأنه كان من حق أي إنسان أن يظل على دينه الذي يدين به مهما كان هذا الدين وتقوم الدولة بكفالة هذا الحق والدفاع عنه، فعن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: لما كنا بالشام أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بماء فتوضأ منه، فقال: (من أين جئت بهذا الماء؟ ما رأيت ماء عذبا ولا ماء السماء أطيب منه)، قال قلت: جئت به من بيت هذه العجوز النصرانية فلما توضأ أتاها فقال: أيها العجوز اسلمي تسلمي بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم بالحق) قال: فكشفت رأسها فإذا مثل الثغامة، فقالت: عجوز كبيرة، وإنما أموت الآن، فقال عمر رضي الله عنه( اللهم اشهد)([1]).

وأورد الشوكاني روايات عديدة -مثلها- بيد أن في بعضها زيادة وذلك بعد قول عمر -رضي الله عنه- (اللهم اشهد)، ثم تلا ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾([2]).

فلم يقطع عنقها أو يشتمها، بل فوض أمرها إلى حكم الله فحسب.

ولهذا قال العلامة ابن قدامة: «وإذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه، كالذمي والمستأمن، فأسلم، لم يثبت له حكم الإسلام، حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعا، مثل أن يثبت على الإسلام بعد زوال الإكراه عنه، فإن مات قبل ذلك، فحكمه حكم الكفار،وإن رجع إلى دين الكفر، لم يجز قتله ولا إكراهه على الإسلام»([3]).

فتلك خاصية الإسلام، وتلك هي مرتكزات قبول الآخر واحترام خصوصياته وذلك هو خلاص الأمة من ظاهرة التطرف والإقصاء.

وقد شهد لهذا غير المسلمين حتى قال غوستاف: «إن القوة لم تكن عاملا في انتشار القرآن، فقد ترك العرب المغلوبين أحرارا في أديانهم فإذا حدث أن انتحل بعض الشعوب النصرانية الإسلام واتخذ العربية لغة له، فذلك لما كان يتصف به العرب الغالبون من ضروب العدل الذي لم يكن للناس عهد بمثله، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي تعرفها الأديان الأخرى»([4]).

وهذا أعظم رد من مستشرق منصف إلى الذين يطبلون بأن هذا الدين قد انتشر بالسيف، وليس بالسلم. . ولم يقتصر على هذا حتى قال: «والحق أن الأمم لم تعرف فاتحين رحماء متسامحين مثل العرب، ولا دينا سمحا مثل دينهم»([5]).

وها هو السير توماس آر نولد يقول: «لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة، وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا لشاهد على هذا التسامح»([6]). وقال أيضا: «لن نسمع عن أي محاولة مدبرة لإرغام غير المسلمين على قبول الإسلام، أو أي اضطهاد منظم القصد منه استئصال الدين المسيحي»([7]).

وبعد الحرية الدينية، تأتي حرية الرأي والتعبير والتي تعني: الثمرة المنطقية التي ينتجها الفكر السليم والاعتقاد الحر -سواء استقر الرأي نفسه مذهبا ومعتقدا، أو ظل ظنا ومحتملا يتفاعل به صاحبه مع الآخرين- كما أن حرية التفكير لا تعني شيئا ما لم تصاحبها حرية التعبير فالتعبير هو الآلة التي توصل الفكرة، برة كانت أو فاجرة للناس، ولا يقتل الفكرة إلا الصمت، أو خذلانها من الوصول للناس([8]).

ومن هنا فلا ريب أن التفاهم عن طريق الحوار حرية تؤكد كرامة الإنسان أيا كان، ويشجعه على التفكير والعمل والتعايش والتفاعل والتعاون مع غيره، لتحقيق الخير والتقدم للمجتمع، فإذا ما رفض الحوار وحوربت ثقافته سيؤدي بالمجتمع نحو الخراب والدمار وانتهاك حقوق الآخرين وعدم تقبلهم، فضلا عن انتشار التطرف والعنف. لذا فإن حرية الرأي كانت سببا من أسباب وحدة الشعوب وترابطها وتعاونها في مجالات العلوم والفنون المختلفة، وكانت حلقات الحوار تقام في كل المدن الكبرى في المساجد والمعاهد، إذ يقودها علماء ومفكرون ومؤرخون، ويكون من حق أي إنسان أن يشارك فيها بحرية تامة. والقرآن الكريم الذي كفل حرية التعبير يوجهنا إلى خير الأساليب التي تتحقق بها هذه الحرية، فيقول الله تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (الإسراء 53) ويقول: ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ (النساء: 9)، ويؤكد على أهمية القول السديد والدعوة الطيبة بقوله: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ (البقرة: 263).

ونحن في هذا العصر ندرك أن الحريات بأنواعها المختلفة، في العقيدة والفكر والرأي والتعبير، تمثل أهم الإنجازات التي حققها الإنسان لنفسه في العصر الحديث، ونؤمن أنها أساس كل حياة إنسانية كريمة ولا غنى عنها لأي حضارة تنشد التقدم العلمي والاجتماعي والإنساني. وهذه الحريات كلها جاء بها الإسلام ودعا إليها وكانت من أهم أسباب القضاء على الانعزالية والتشدد والتقوقع، فضلا عن أهم أسباب تقدم العلوم والفنون والآداب والتاريخ التي قامت عليها الحضارة الإسلامية حتى عصر النهضة.

ونحن حين نقرر ذلك ندرك أن الروح الإسلامية التي نؤمن بها، تدعو وتؤكد على الحوار ولاسيما الحوار المرتبط بالعقيدة والاقتناع، لأننا نعلم أن تقدم الإنسانية وازدهار حضارتنا وسيادة روح الإنسانية، إنما يرتبط أشد الارتباط بما يتحقق لأفراد المجتمع الإنساني من حرية فكرية ودينية، ومن حقوق مقدسة في إبداء الرأي والتعبير، وقد كان ذلك كله من دعائم الإسلام([9]).

وها هو العالم الإنكليزي توماس آرلوند يشهد للحرية التي قررها الإسلام وحضارته والتي وسعت التنوع والاختلاف وأتاحت إنقاذ النصرانية الشرقية من الإبادة الرومانية البيزنطية حتى يمكن القول: «إن بقاء النصرانية الشرقية هبة الإسلام»([10]).

لذلك فإن الاختلاف بين الأديان وتضارب الآراء حولها، يجب أن لا يؤدي في ضوء ممارسة حرية الرأي إلى حجر على تلك الآراء والتصورات، بل إن ما يجب القيام به هو توحيد تلك الجهود والاستفادة من تعدد الآراء واختلافها، للوصول إلى  قواسم مشتركة، تخدم القضية الإنسانية ولا يفرط بأي حق من الحقوق التاريخية، فاختلاف الآراء وتعددها سنة إلهية في البشر، لكن التعامل معها بإيجابية هو ما يغني حالة الوفاق، فيما يؤدي الاستبداد بالرأي والتفرد باتخاذ القرار إلى تشتيت الجهود وزعزعتها ونثر بذور التشرذم([11]).

وإذا استطعنا أن نستوعب هذا وحركنا قضية الاعتراف بالآخرين وتقبلهم بمعزل عن التشدد والانفعال وتراكم الاحتقان وتعاملنا مع قضية الاعتراف على أساس كونها وسيلة لسلوك الإنسان، ومن ثم القدرة على إبداء ما توصل إليه هذا الفكر دون قيد أو مؤثر، وصولا إلى بلورة منهج حضاري إسلامي في إعمال العقل لنيل المعارف، فإن ذلك سيسهم بلا شك في التوصل إلى حد أدنى من الوحدة الفكرية للأمة، تكون ركيزة للتأسيس والبناء فيما بعد، ولا يمكن أن نتخيل عدالة اجتماعية بدون استقلال فكري ولا بد من أدب في التعامل مع الآخر واحترامه.

ولعل العلاج الأكثر فاعلية في هذا الشأن  هو الحرية الفكرية؛ وذلك لأنه علاج يوجه إلى المحاضن الداخلية التي تنشأ فيها بذور التطرف، وهي محاضن آليات التفكير في ذات الإنسان([12]).

والحرية الفكرية أن تكون حركة العقل من أجل الوصول إلى الحقيقة حركة يتعامل فيها العقل بصفة مباشرة مع الموضوع المراد معرفة الحقيقة فيه تعاملا تتفاعل فيه مكونات العقل الفطرية ومكسوباته اليقينية مع المعطيات الذاتية والأبعاد الموضوعية للموضوع المراد درسه، بعيدا عن كل الموانع التي تمنع تلك الحركة العقلية من أن تنطلق في وجهتها الصحيحة، وتنحرف بها إلى وجهة تقتضيها تلك الموانع، سواء كانت متمثلة في موانع داخلية مثل استبداد الأهواء والشهوات، وسطوة الأعراف والعادات، أو كانت موانع خارجية، مثل الإرهاب الذي يتسلط به على العقول ذوو السلطان الديني أو السلطان السياسي على منهج فرعون في قوله: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (غافر: 29)، أو الإغواء المتعدد المظاهر الذي يسلط به على النفوس المفسدون في الأرض على منهج إبليس في قوله: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (الإسراء: 62).

وربما يكون من أهم ما نقصده بالتحرر الفكري في هذا المقام التحرر الفكري في مجال التربية والتعليم، بحيث تكون حركة عقل التلميذ حرة من التوجيه المسبق الذي يفضي إلى الأخذ بالرأي الواحد والرفض والإلغاء لكل ما سواه، وذلك في حركة حوارية دائبة تقوم بين المتعلمين والمعلمين تفضي إلى تكوين فكر سيد على نفسه.

وكذلك تحرر العقول من الاستبداد الفكري الذي يمارسه على الناس أصحاب الجاه الاجتماعي باسم التقاليد، أو الرهبان والكهنة باسم الدين، لينتهوا جراء هذا الاستبداد إلى تطرف في التشبث بالعهود والرفض لكل ما سواهما، ولذلك جاء القرآن الكريم يصيح في الناس أن يحرروا عقولهم بتحطيم نير الاستبداد الفكري المسلط عليهم، لينظروا فيما عرض عليهم بفكر حر يخرج بهم من دائرة التطرف الرافض، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (الزخرف: 23-24)، وقوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ (التوبة: 31)، ففي كل من هذا وذاك دفع إلى التحرر الفكري من سطوة المستبدين من أجل الوصول إلى الحقيقة كما يتبينها الفكر الحر، وكما تكون بابا للاعتدال وتحول دون التطرف([13]).

وحرية التفكير أيضا إحدى المسالك الهامة التي تفضي إلى تقبل المخالف من الرأي والمخالف من أصحاب الرأي، وهي من ثم مسلك هام من المسالك التي تحول دون توليد التطرف في النفوس والعقول والسلوك.

ومن معاني التقبل للآخر التقبل النفسي، وهو ما يعني أن لا يعتبر الباحث عن الحقيقة والمتوصل فيها إلى رأي أن من توصل فيها إلى رأي مخالف هو عدو له، وذلك مهما بلغت درجة إيمانه برأيه من يقين، وإنما يعتبر المخالف في الرأي هو باحث عن الحقيقة أصابها أو أخطأها، وهو لذلك جدير بأن يجد له مكانا في النفس يسمح بالتعاطي معه في خصوص رأيه المخالف للحوار في شأنه بالحجة بقطع النظر عما تنتهي إليه تلك الحجة من نتيجة موافقة أو مخالفة([14]).

وقد ضرب لنا القرآن الكريم مثلا منهجيا رائعا في التعامل مع الآخر المخالف تعاملا يقوم على التقبل في مستوياته المختلفة، وذلك ما ورد على سبيل المثال في قوله تعالى مرشدا نبيه وجميع المسلمين من ورائه إلى تقبل المخالفين من أصحاب الديانات الأخرى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (سبأ: 24-25).

ففي هذا الإرشاد الإلهي المنهجي توجيه إلى التقبل النفسي للمخالف، وهو ما يتمثل في تعميم إمكان الهدى والضلال على الفريقين، وبنسبة الإجرام إلى النفس ونسبة مجرد العمل إلى المخالف، وذلك بالرغم من الإيمان بعكس ذلك في الأمرين: ولكن تأنيسا نفسيا للمخالف، وفيه توجيه إلى تقبل حق الوجود والتعبير للمخالف، وذلك ما يدل عليه هذا الحوار الذي يسمع فيه عرض هذا المخالف باهتمام والتعاطي معه بمحاجة لطيفة مؤنسة، وفي هذا التوجيه إيماء أيضا إلى تقبل الاستفادة من رأي المخالف إذا تبين أنه ينطوي على وجه من الحق، وذلك ما يوحي به تعميم إمكان الهدى ليشمل المخالف أيضا، فإذا تبين أن هذا المخالف قد يكون في رأيه شيء من الهدى فإنه يكون إذن مقبولا، فهو إذن منهج يدعو إلى تقبل المخالف للرأي([15]).

من الجماعات الإسلامية الموجودة اليوم جماعات تخرجت في تعليمها وتربيتها من مدارس تقليدية موغلة في التقليدية، في بلاد مختلفة من العالم الإسلامي، وهي تلك المدارس التي تقتصر في برامجها على المذهب الواحد في العقيدة وفي الفقه تقدمه لروادها بطريقة تلقينية خالية من الحوار، وتكاد لا تقدم معه شيئا من المذاهب الأخرى في النطاق الإسلامي، أما العلوم والمعارف الإنسانية العامة فإنها في هذه المدارس منهي عنها أن تكون معروضة على الطلاب للدرس، إذ هي تشوش الأذهان وتفسد المعتقدات الصحيحة.

ونتيجة لهذا الضرب من الاستبداد الفكري تتخرج من هذه المدارس جماعات تتصف بالتطرف، إن على درجة أو أخرى من درجاته، وربما تكون جماعة طالبان مثالا لهذا النموذج، ولا يفوت اللبيب المتابع للساحة الإسلامية أن يرى أمثلة أخرى لهذا النموذج تتطابق معه أو تشابهه، علما بأن مجال هذا التمثيل لا يتعلق بصدق النوايا والإخلاص فيها، أو بقوة الإيمان وصلاح السمت والسلوك، فقد يكون ذلك حاصلا مع حصول التطرف([16]).

وفي مقابل ذلك توجد جماعات إسلامية أخرى في العالم الإسلامي تخرجت من مؤسسات علمية ودعوية بمعارف وعلوم إسلامية غير مقتصرة على مذهب معين، وإنما هي قائمة على المنهج المقارن بين المذاهب، فكانت تطرح فيها كل الآراء للدرس والمقارنة والنقد، كما تخرجت أيضا من تلك المؤسسات أو استكملت من غيرها بمعارف وعلوم إنسانية عامة مذاهب وفلسفات قديمة وحديثة، وأخذتها جميعا بمنهج حواري نقدي، فكان المنهج العام الذي تخرجت به هو منهج التحرر الفكري المنفتح على الاحتمالات المتعددة في البحث عن الحقيقة، فكانت إذن متصفة بقدر كبير من الاعتدال والوسطية في الفكر والسلوك معا([17]).

المطلب الثاني: الحوار في القرآن وسيلة لرد الاعتداء ودرء الشبهات وتنمية الوازع الديني والخلقي

والحوار يتجلى أيضا في قضية التواصل مع الآخر والتفاهم معه، والوسيلة المثلى لذلك الحوار، والحوار في القرآن الكريم –كما تقدم- أسلوب ووسيلة في الدعوة إلى الله، وفي دحض الشبهات والافتراءات، وفي رد الشاردين والجاهلين والغافلين من أبناء المسلمين إلى حياض الإسلام، إذ أن الحوار ترياق فعال لمعالجة داء الاعتداء، فبالحوار تنفتح مغاليق الشبهات، وبالحوار تدرأ الكثير من مكنونات النفس وتراكمات العقائد الباطلة، وللحوار في الإسلام مساحات شاسعة، من بينها حوار المخالفين في الدين لما له من صور وأفعال وأهداف وآثار من مادة علمية لها ظلال عميقة في واقع التطبيق.

والمتتبع للحوار القرآني يجد أن طرحه للخطاب يتمثل في حوار هداية ودلالة وجدل إقناع وإفحام على البراهين العقلية، ولفت الأنظار في الآيات الكونية حتى يهتدوا إلى خالقها فيعبدوه ويعظموه وحده لا شريك له وينبذوا عبادة غيره من الأصنام والأوثان التي لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا.

لذا فإن دعوة المحبطين إلى محاربة مسألة الحوار بين الأديان كافة والمسلمين خاصة، هي دعوة للإقصاء ونشر التطرف، ومن ثم العنف، وتحريم التفاعل الإنساني، والثقافي بين أتباع الحضارات بل تهدف إلى انتشار النظرة الاستعدائية. بينما يجد الدارس والباحث المتتبع أن الحوار -مع الآخرين أيا كانوا– هو مدعاة للأمن والاستقرار والنهوض بالمجتمع، وهو شأن ثقافي متطور يتناول آفاق الانفتاح والتواصل الإنساني التي يشترط تحققها الاعتراف بالآخر، وتفهم مشكلاته ومقاصده وإدراكه على قدر المساواة وعدم استهدافه بالتمييز أو التحقير والإلغاء أو محاولة ذلك.

وبحكم عالمية الخطاب الإسلامي، وشموله مفهوم التفاعل الحضاري فإن مسألة الحوار([18]). تشكل أحد أكثر الوسائل فاعلية لتحقيق التعارف الحضاري، والوصل بوعي الإنسان إلى لحظات الإبداع الحضاري الجماعي الذي يسهم فيه أبناء الإنسانية المخلصين من كل ثقافة ودين وجنس عملا من أجل نفي الخبث الحضاري واستنبات بذور التفاعل الحضاري بوصفه مدخلا للتعارف والتفاهم والتعاون ومواجهة تحديات الحياة في عصر العالمية والعولمة.

إن الاستثمار في مسألة التعارف الحضاري كما يطرحه الإسلام يعد من المداخل الأساسية لتشكيل تفاعل حضاري يدفع بأمتنا وحضارتنا إلى آفاق العالمية الإسلامية، قال الرافعي: «فعالمية الإسلام تجعل الثقافة والحضارة الإسلاميتين منفتحين على حضارات الأمم ومتجاوبتين مع ثقافات الشعوب مؤثرتين ومتأثرتين. . . يهدف أولا وقبل كل شيء إلى الوحدة الإنسانية العامة، والزمالة العالمية الشاملة لأن يكون الناس جميعا إخوة متوادين متحابين متساوين متكافئين حتى يستطيعوا أن يحققوا الرسالة العظمى التي خلقهم الله من أجلها»([19]).

ومن هنا يتطلب الأمر النظر إلى تحريك مسألة الحوار وتنشيطها ليس لمحاربة التطرف فحسب أو بوصف الحوار مجرد عملية تبادل للمعلومات والأفكار والآراء، وليس مجرد نقاش وتناقل للمعاني، وليس مجرد وسيلة للتفاهم الإنساني ولمعالجة المشكلات الإنسانية ولكن فضلا عن ذلك أن ينظر إلى الحوار مع الآخر على أنه مدخل حيوي للتعارف الحضاري والديني والتعليمي، الذي يشكل بدوره نقطة الانطلاق الكبرى في تجديد الذات وتجديد الوعي، ومن ثم الدخول في فعل يقود إلى التفاعل الصادق ويكون مرتكزا لأداء الرسالة إزاء الذات والآخرين معا، ويكون محورا للتربية التعليمية لشخصية الإنسان المتحاور. وبالنسبة للأمة العربية والإسلامية لا يمكن أن تكون هناك رسالة حضارية باتجاه العودة إلى الريادة والسيادة قبل أن تحقق كل شروط الحوار في ذواتنا وفي واقعنا وثقافتنا ومعارفنا ونظمنا التربوية والأسرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية وفي ضوء الإطار التحاوري المخلص الذي يؤسس لإنسانية تتفاعل على أساس التقوى والصلاح والنفع العام للبشرية([20]).

إذن فكيف يمكننا أن نتخلى عن الحوار، والله تعالى يأمرنا بالدعوة إلى إقامة الحجج على الآخرين وبالتي هي أحسن، قال تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء: 53).

وهذا يعني وقل يا محمد لعبادي إذا أردتم إيراد الحجة على المخالفين فاذكروا تلك الدلائل بالطريق الأحسن. وهو أن لا يكون ذكر الحجة مخلوطا بالشتم والسب، ذلك لأن ذكر الحجة لو اختلط به شيء من السب والشتم لقابلوكم بمثله كما قال: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأنعام: 108) ويزداد الغضب وتتكامل النفرة ويمتنع حصول المقصود، أما إذا وقع الاقتصار على ذكر الحجة بالطريق الأحسن الخالي عن الشتم والإيذاء أثر في القلب تأثيرا شديدا([21]).

وهذا تقدم للحوار والمقابلة من غير تراجع ولا خوف والملاحظ اليوم أن من بين المعضلات الكبيرة التي تواجه الأمة، هو الخوف من الآخر وتجنب الحوار معه، على عكس ما نجده في القرآن الكريم من محاورته للحضارات على لسان الصفوة المختارة وهم الأنبياء وكيف بدأهم الحديث ثم استمر معهم على الحوار، بينما تسعى بعض الفئات الضالة إلى وضع الحواجز أمام أي تقارب مع الآخر وباستمرار؛ خوفا من مواجهته فكريا، وتحصنا ضد انفتاح تابعيه على الرأي الآخر، وخشية ضياع مصالحه، وتقوض سلطته الداخلية على جماعته؛ لذلك حرص بعضهم وباستمرار على مخاصمة الأفكار الأخرى، وعدم دعوة أصحابه وترك إقامة الحجج والبراهين عليهم، بل توجيه التهم لها بالتآمر، عبر تطرفهم وغلوهم وتذرعهم بأدلة تافهة لا نص لها في القرآن الكريم أو السنة النبوية، مما يؤثر سلبا على سماحة هذا الدين الحنيف.

وأخلص بهذا إلى أن إحداثيات الحوار مع أبناء الحضارات تجلت فيها معالم الاستقلالية التامة والحرية المطلقة التي أعطيت لهم كافة إذ قوبل توترهم وردهم العنيف بالدعوة إلى إبداء الدليل العلمي، وإذ عجزوا عنه أقيم عليهم الدليل العملي والواقعي من غير تشدد على بطلان دعواهم دون أن يتعدى ذلك إلى أي شائبة من شوائب الإكراه المادي والنفسي أو الفكري، في حين نرى موقف الإسلام من الحوار مع الآخرين موقفا إيجابيا تاما على الرغم من وجود أديان أخرى ترحب بالحوار أيضا، بيد أن موقف الدين الإسلامي من الحوار أكثر إيجابية وقبولا إلى حد يمكن وصفه بأنه دين الحوار، ذلك أنه دين عام للبشرية وليس دينا خاصا لجماعة دون أخرى، لذا قامت عالمية الإسلام على أساس من عالمية الإله الواحد وعالمية التوحيد ووحدة البشرية، إذ الإله الواحد الخالق إله لكل العالم الذي خلقه، ودين البشرية دين واحد يقوم على أساس من التوحيد وهو عقيدة البشرية جمعاء استنادا لهذا المبدأ اتجه الإسلام إلى استخدام الحوار استخداما جليا في مجال الدعوة الإسلامية، وكان من أولاها الوصول بالإسلام إلى غير المسلمين. إذا ما نظرنا إلى الحوار بهذه النظرة الإنسانية، فإننا نكون قد جعلنا من الحوار ثقافة حضارية وقضية مصيرية يتجدد بها مصير الأمة كلها في حاضرها ومستقبلها وفي صلتها مع ذاتها ومع العالم المحيط بها. ويتحدد به مسار التعايش والتواصل والتعارف الحضاري القادم وعمقه وغاياته وآفاقه.

وإننا بمقدار ما ندرك قضية الحوار –المؤسسة على منظومة التفاهم- بوصفها قضية متجاوزة لكل الشكليات السياسية والثقافية التي تهم كثيرا بتحويل قضية الحوار إلى مجرد وسيلة تهديئية أو تسكينية تعالج بها المشكلات الجزئية بمقدار ما نستعيد القيمة التربوية الحضارية الصحيحة والفعالة للحوار. . ومن هنا وفي ظل وضع الأمة الخطير لا يجوز لنا أن نتصور الحوار بصورته السلبية، ولا يجوز لنا أن نوظفه توظيفا غير سليم، بل علينا أن نعود بالحوار إلى أصوله الكبرى([22]).

لذلك بات لزاما على كلا الطرفين –المحاوَر والمحاوِر- البحث عن سبل التلاقي والتواصل عن طريق البحث عن أرضية مشتركة للتعاون بدل المجابهة والانفتاح بدل الانغلاق، والتفاهم بدل التجاهل. إن هنالك تعاونا اقتصاديا وثقافيا وسياسيا بين العالم الإسلامي والغربي لكنه ليس كافيا ولا يندرج في غالب الأحيان في السياق العام لمنظومة الحوار الحيوي بين الجانبين، وسبب ذلك –ببساطة- هو أن تنسيق المصالح والمنافع الاقتصادية والسياسية ينبغي أن يسبقه الفهم الحقيقي المتبادل على الصعيد الثقافي والحضاري والديني. . فالعالم اليوم مطالب بالعودة إلى قيم المحبة والحوار والتفاهم، ورفع الظلم والعدوان والاستكبار من أجل تهيئة المناخ الملائم لإقامة جسور الحوار المثمر والبناء، هذا وإن لدراسة مسألة ثقافة الحوار أطرا منهجية أساسية من أهمها، ترسيخ الوعي على ضرورة معالجة المنهجية الاستراتيجية لمسألة التفاعل الحضاري. وإن أهم شيء ينبغي التفكير فيه اليوم هو صياغة الوحدة التحليلية الأساسية أو الإطار التحليلي المناسب لمعالجة قضايا التفاعل الحضاري([23]).

ومن الأطر التي ينبغي النظر إليها ضرورة الوعي بطبيعة تشكيل الإنسانية في وضعها الحضاري العالمي، إذ تعيش الإنسانية اليوم وضعا عالميا حساسا ومعقدا ومحرجا للغاية. والإنسان الذي يعاصر في هذه اللحظات التاريخية الكبرى تحولات ضخمة، ومعقدة وسريعة في مجال المعرفة والمعلومات والوعي وفي ميدان الوسائل التقنية والتكنلوجية، وفي مجالات أخرى([24]).

والحرية كما قررتها الشعوب كافة، يحدها إطار اجتماعي يمنع تعدي الناس بعضهم على بعض لأي سبب من الأسباب، لأن هذا يمثل عدوانا على حرية الآخرين وهضما لها، وفي القرآن الكريم نرى –كما تقدم- تأكيدا لمبادئ الحرية في كثير من الآيات، وهذا التأكيد يشمل كافة الجوانب المختلفة لحرية الإنسان وحقه في التعبير والسلوك والتفكير والعمل بالمفهوم المعاصر لمعنى الحرية من حيث استقلال الفكر، دون أن تفرض عليه من الآخرين معطيات وأدوات أو قناعات من شأنها أن تقيده، أو تلزمه بسلوك طرائق معينة من شأنها أن توصله إلى نتيجة مبتغاة سلفا، حقا كانت أو باطلة([25]).

لذا أعطى القرآن الكريم حق التعلم وحريته وإبداء الرأي للإنسانية جمعاء، قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ (البقرة: 31-33)، ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ (العلق: 1-5) فمن حق كل فرد أن يأخذ من التعليم ما ينير عقله ويرقي وجوده ويرفع من مستواه. ومن حق الإنسان كذلك، أن يبين عن رأيه ويدلي بحجته ويجهر بالحق ويصدع به. والإسلام يمنع مصادرة الرأي ومحاربة الفكر الحر، إلا إذا كان ذلك ضارا بالمجتمع.

إذن ما ينقذ العالم ويخلصه من الاختزال المتطرف والمتشدد، هو اللجوء إلى حتمية الحوار وتثقيف الأمم بهذا المبدأ الطموح إذ لا يمكن للغرب أن يمتص الإسلام أو يبلعه، كما لا يمكن للمسلمين أن يعزلوا الغرب، وفي الوقت نفسه لا يمكن للحاقدين المتطرفين والإرهابيين تهميش مبادئ الإسلام وسماحته عن طريق نشر التخوف منه، والإيهام بأنه يسعى إلى إقصاء الآخرين وإشعال فتيل النزاع معهم. . لذا فقد آن الأوان لوضع حد للنظريات المتطرفة التي تتوهم وتريد أن توهم أن ديننا لا يصلح التعامل معه كتياري رئيسي يصب في الحضارة الإنسانية الشاملة.

ومن الهام أيضا في إطار ترسيخ ثقافة الحوار، غراسة وحراسة القيم الروحية، فمن أوجب واجبات القرآن الكريم، المحافظة على القيم والأخلاق، فقد أرشد القرآن الكريم إلى تنمية الوازع الخلقي والديني في عشرات النصوص، ومن ذلك تنمية ملكة مراقبة الله والخوف منه، التي تجعل المرء المسلم يستجيب لأوامر الله ويتفاعل معها إيجابا، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾(النحل: 90).

فهذه الآية ذكر الله تعالى فيها (العدل) والعدل هو الذي يكفل لكل فرد ولكل جماعة ولكل قوم قاعدة ثابتة للتعامل، لا تميل مع الهوى، ولا تتأثر بالود والبغض، ولا تتبدل مجاراة للصهر والنسب، والغنى والفقر، والقوة والضعف. إنما تمضي في طريقها تكيل بمكيال واحد للجميع، وتزن بميزان واحد للجميع.

وإلى جوار العدل(الْإِحْسانِ). يلطف من حدة العدل الصارم الجازم، ويدع الباب مفتوحاً لمن يريد أن يتسامح في بعض حقه إيثاراً لود القلوب، وشفاء لغل الصدور. ولمن يريد أن ينهض بما فوق العدل الواجب عليه ليداوي جرحا أو يكسب فضلا.

والإحسان أوسع مدلولاً، فكل عمل طيب إحسان، والأمر بالإحسان يشمل كل عمل وكل تعامل، فيشمل محيط الحياة كلها في علاقات العبد بربه، وعلاقاته بأسرته، وعلاقاته بالجماعة، وعلاقاته بالبشرية جميعاً([26]).

ولا يخفى أن الأمة الإسلامية تملك رصيدا ضخما من القيم الهادفة وتوجيهات الإسلام، وهذه القيم كفيلة عند استثمارها بأن تجعل الأمة الإسلامية في وضع يسمح لها بأن تنمي فلسفتها الحضارية الإنسانية، وتتسابق مع أمم الأرض في بناء حضارة إنسانية.

إن أصحاب النظريات المتطرفة، الموغلة في التشاؤم، يهدفون إلى تحويل العالم إلى نمط موحد متشابه تلغى فيه العدالة الإنسانية، والقيم الحضارية وثقافتها، وتذهب سدى، وهم بذلك يتوهمون أن الإسلام سيجتذب العالم ويحتويه ويستوعبه ويسلمه، وذلك لأنهم يغفلون قوله جل وعلا: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾، أي أهل دين واحد إما أهل ضلالة أو أهل هدى، وقيل معناه: جعلناهم مجتمعين على الحق غير مختلفين فيه أو مجتمعين على دين الإسلام دون سائر الأديان ولكنه لم يشأ ذلك فلم يكن ولهذا قال: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ في ذات بينهم على أديان شتى ما بين يهودي ونصراني ومشرك ومجوسي ومسلم فكل هؤلاء قد اختلفوا في أديانهم اختلافا كثيرا لا ينضبط، وقيل مختلفين في دين الحق أو دين الإسلام([27]).

لذا فإن المسلمين مطالبون أكثر من غيرهم بالارتقاء إلى مستوى قيم الإسلام الأصيلة الدينية والأخلاقية والثقافية والمتسمة بالرفق واللين، ولا يكون ذلك إلا بالابتعاد عن الفكر المتطرف، ونبذ التطرف الفكري والهروب منهما، للتخلص من إشعال الفتن، وإيقاد نار العنف والإرهاب والاتجاه نحو تنشيط ثقافة الحوار العالمي والمحلي وتقويتها، وأيا كان الحوار على الصعيد الديني أو التعليمي أو الاقتصادي أو السياسي مكتسيا روح العدالة الإنسانية طامحا في تقريب وجهات النظر المختلفة، معتمدا طابع العمل الجاد بكل جرأة وصلابة وثبات من غير تردد، والانفتاح على العالم ومتغيراته وتطوراته، تلبية لتحقيق المصالح الأساسية ودرء المفاسد.

حينئذ فعلى العلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين أن يدعوا الناس جميعا مسلمين وغيرهم إلى تجاوز مرحلة الأحقاد والضغينة إلى مرحلة الاستئناس وعدم الخوف من الآخر، ودعوتهم إلى الجلوس إلى مائدة التحاور والتفاهم، لحل المشاكل العالقة ولاسيما العصرية منها وتكريس عملية الاتفاق على قضايا وجوامع مشتركة يمكن أن تسهم في قطع أشواط في مسيرة الحوار المنشود بين المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وبقية الأديان وبين الإسلام والغرب، مستندين في بث ثقافة الحوار مع الآخر ولاسيما المخالف على الخلفية الفكرية والثقافية المنبثقة من القرآن والسنة والمستنبطة منهما، لتصحيح الأفكار الضالة والمصطلحات المشوهة، معتمدين عليهما في تحقيق الوسطية ودفع الإرهاب وتقريب وجهات النظر وبث روح الحوار والتفاهم، فضلا عن الدعوة إلى الأسس القيمة والأخلاقية التي تفيد في تقويم وتهذيب وتصويب مسار التحاور المعتبر.

إنه في الوقت الذي يطالب فيه المسلمون بالعودة إلى قيم الإسلام الأصيلة ومنها انتعاش ثقافة الحوار للتخلص من ظاهرة التطرف. أيضا الغربيون مطالبون بالعودة إلى قيم المسيحية الأصيلة -وليست المحرفة- قيم الحوار والتفاهم والمحبة والتفاعل والتعايش المشترك والاحترام المتبادل، لتحقيق الوفاق مع العالم الإسلامي، وإنهم لمطالبون أيضا بالتفهم الحقيقي لثقافة الحوار وتنشيطها وتطبيقها على أرض الواقع وتطبيعها مع المسلمين من أجل التفاعل المنشود، وبث روح الحوار والتواصل والتفاهم، من أجل مبدأ التعايش وإعلان رفع الظلم والعدوان والاستكبار والهيمنة، ونبذ الأفكار المتطرفة والأعمال الإرهابية والإجرامية وإنكارها أينما حلت وعلى المستوى العالمي كله؛ وذلك من أجل تهيئة المناخ المناسب –المتطلع إليه- لإقامة جسور للعيش المشترك مع المسلمين، ولاسيما أن هنالك قيما دينية وإنسانية مشتركة بين الإسلام والغرب كحضارتين عالميتين، إذ تعد نقطة انطلاق أساسية في كل تفاهم وتلاقي يراد له أن يحفظ الأمن والسلم العالمي، ينتظر منهما اتخاذ خطوات تقودهما نحو طموح إنساني في أعلا قيم التبادل والسلم. مما ينبغي على الطرفين استثماره والتأكيد على أهمية توظيفه في سياق احترام الحياة الإنسانية والتواصل الحضاري، الذي يرتبط بصورة أساسية بمسائل التعاون، والسعي من أجل الخير والأمن والسلام ورفض الإرهاب العالمي ومقاومته، ونبذ الظلم والطغيان، وتفهم مبادئ الآخرين وتوجهاتهم وقناعاتهم، ودعوتهم إلى قيم الإفصاح الودي والمحبة والحوار واللقاء؛ من أجل العمل المشترك في سبيل خدمة البشرية وإنقاذها من كل فكر متطرف منحاز مغلق.

ولا بد أن تكون قيمة الموضوعية هي أساس كل تلاقي بيننا وبين الآخرين، فليس من الإنصاف أن نخاطب غيرنا وتحكمنا أفكار محددة وإن النظرة الأحادية لمن أخطر مظاهر انحسار ثقافة الحوار، ونحن بحاجة ماسة إلى تشجيع الحوار الذي يبني ولا يهدم، الحوار الذي يعني العدل والإنصاف والرفق، لا على الظلم أو التشدد والتنطع؛ وذلك لسعادة الإنسانية جمعاء، يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ «فينبغي أن يقصر جوازه على المواطن التي تكون المصلحة في فعله أكثر من المفسدة أو على المواطن التي المجادلة فيها بالمحاسنة لا بالمخاشنة»([28]).

وتدل الآية على التعاون فيما اتفقا عليه والإيمان بالألوهية، وأن يعتمد الخطاب على أحسن الأساليب في عرض الدعوة والتواصل، والتوجيه في هذه الآية واضح الدلالة على فهم الآخر، كيف لا؟ والآية الكريمة تأمر صراحة ودون لبس أو غموض بأن يختار المسلم أسلوب الملاطفة وحسن التعبير والاحترام عند مجادلة أهل الكتاب، ومن المؤكد أن التوجيه القرآني المتضمن الحث على المجادلة بالتي هي أحسن لم يغفل حقيقة الاختلاف الثابت بين المسلم وغيره من أهل الكتاب، سواء في بعض العقائد أم القيم أم العبادات أم الأحكام والشرائع أم المواقف…الخ ورغم هذا التباين فإن الآية ترشد إلى أسلوب الملاطفة في النقاش عند إثارة مثل هذه القضايا الخلافية، والمجادلة تكون عادة في مواطن الاختلاف، أما اللقاء البعيد عن الاختلاف، والمحفوف بالمجاملة الحسنة، فلا تلزمه المجادلة، ومن ثم يكون أولى بالملاطفة الحسنة.

 أن يختار من بينها، فليست الآية مخيرة المخاطِب بين الحسن والقبيح، وإنما آمرة إياه أن يختار الأحسن بدلا من الحسن، وهذا يدل على مدى احتفاء القرآن الكريم بمراعاة نفسية مخاطبيه وتشجيعهم. ولا نبالغ إذا ما قلنا إن الحوار أصبح قضية ملحة في عهدنا الحالي. فالعالم أصبح شاشة واحدة تتجاور فيها المجموعات البشرية المختلفة تعيش معا وتحس ببعضها البعض، مما يحتم وضع قواعد لهذا الجوار الافتراضي والحقيقي في آن واحد، قواعد ترتكز على فهم الآخر، والاعتراف به، والوقوف عند الأسس المشتركة الموجودة بين المجموعات البشرية في هذا الوجود؛ ليساعد ذلك على العيش معا بأمن وسلام. ومن المهم هنا أن يكون هذا الحوار صادرا عن إرادة إنسانية حرة، وبرضا الأطراف ودون أي إكراه أو عنف، واتخاذ المقاييس المنضبطة؛ لتأمين ثقافة الحوار، وتشجيع المكونات الاجتماعية المختلفة باستعمال إرادتها بكل حرية؛ لتضمن حقها في التعبير.

وفيما تمدنا التجربة التاريخية الإسلامية من دروس وعبر، أن دلائل ومقومات الاحترام الحضاري المتبادل. هي النهوض بالمتعثر، وتنشط الخامل، وإمداد الضعيف بمقومات القوة، وحفظ مقام الآخر وكرامته وموروثه التاريخي، وتقدير ثقافته. هكذا ينبغي للأمر أن يكون، لكننا نستظهر في كل يوم ينشق فجره مسالك صارخة من جانب خصوم حضارتنا بعامة والحضارة الغربية بخاصة، ابتداء بالأثرة والرفض، مرورا بالتعويق والمزاحمة، وانتهاء بالتحرش والإزاحة.

والإسلام يملك في هذا الجانب تراثا غنيا، إذ قامت تجربته التاريخية بشكل عام على احتواء الخصوصيات المتنوعة لكافة المجموعات المختلفة وقبولها حتى وجدت أديان ومذاهب وثقافات عديدة، إمكانية العيش برغد وأمان في ظل الإسلام. وإن وثيقة المدينة -التي عرضناها آنفا- مثال واضح طبق في الواقع العملي فعلا وأنموذجا رائعا في قبول الآخر والعيش بسلام. . وللأسف الشديد فما زال الإسلام مغيبا عن الوجود وما زال المسلم تحكمه لغة الانفعال لا لغة المنهج، فلا بد وأن نميط اللثام عن حقيقة الإسلام وبمعناه الحضاري ومن هنا فإننا بأمس الحاجة اليوم لتوضيح الصورة المشرقة للغرب، فكما يقال: «الناس أعداء ما جهلوا»([29]).

فترسيخ ثقافة الحوار بين الأطرف، ولاسيما المتنازعة تقتضي تمتين وإعادة طرح جديد يبنى على الوضوح ويلتزم بأخلاقيات الحوار، ويعيد النظر في الأهداف الموصلة إلى ذلك ولن يكون هذا نافعا إلا إذا تم توسيع وتجذير قاعدة الحوار لتشمل الأطر الثقافية والاقتصادية والسياسية والمكونات الاجتماعية. ويبقى الأمل –بمشيئة الله- الذي ينبغي النظر إليه بتفاؤل من طرف اتباع الحضارتين الإسلامية والغربية، هو أن حتمية الحوار، أمر واقع لا محالة، لأنه في نهاية الأمر لا بد أن تنتصر الإرادات والعزائم الساعية إلى الحوار ووعيه وتفهمه وتقبل الآخر وفق العمل المشترك، للتخلص من مخاطر الشدة والانزوائية والإقصاء والتهميش التي تحدق بالبشرية.

إذن فعلينا جميعا إعادة تصحيح النظر في موضوع الحوار، والإسهام في تقويته وإيضاح أهدافه، وكيفية استيعاب الآخرين ولنسعى جاهدين إلى تشكيل قنوات تدعو إلى تثقيف الناس في هذا الخصوص، لردع الأفكار المشوشة والمشبوهة، وعلينا كشف الحقائق، وإفهام الرأي العام وإقناعه من خلال طرح قضية الحوار، بأن الإسلام برئ وبعيد كل البعد عن التطرف والعنف والإرهاب، -بل هو دين كما جاء إلينا ووصل إلينا-، دين محبة واعتدال وتسامح. وأن الأفعال المنسوبة لفئة ضالة يجب أن لا تشوه صورة الإسلام الحقيقية، ولا بد أن يرى الغرب -على وجه الخصوص– الوجه الحقيقي للإسلام، الإسلام المتفاعل والمنفتح على الآخرين، الإسلام الذي يحترم الشرائع الإلهية والأديان كلها. كل هذا من أجل أن لا نفقد هويتنا ولا نمسي مسلوبي الشخصنة، بدعوى أننا لا نستطيع أن نصدِّرَ، أو نبقى مكتوفي الأيدي أمام الهجمات الحاقدة، والخزعبلات المغرضة، لتشويه صورة إسلام المحبة والسلام.

الخاتمة:

خلق الله تعالى البشر مختلفين في أفكارهم واعتقاداتهم وقدراتهم الفكرية والعقلية و سيبقوا كذلك، لكنه في المقابل بعث لهم الرسل هادين إلى طريق الخير والصواب، وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكملهم هدى ونورا، فمن اتبع النور الذي أنزل معه وهو القرآن الكريم فسيتهدي إلى كل أنواع الخير، ويتعرف على أفضل الخلق، وأولها الخلق الأعظم في القرآن الكريم “الحوار”، ذلك الخلق السامي الذي يجعل الإنسان يرتقي إلى أعلى الرتب في الأخلاق، ويتخلص من حب الذات، ويتجرد في كل أحواله من الأنانية البغيضة إلى كرم العطاء والرفق، وحسن التعامل، الذي يجعله ينظر إلى الآخر نظرة مودة وألفة واحترام وحرص على مصلحته، وهو ما يحقق السعادة للبشرية كافة.

ويمكن إجمال النتائج في الآتي:

  1. يبين القرآن الكريم معا أن الحوار عمل غاية في الأهمية، وأنه أساس الدين الإسلامي، بل أساس كل الديانات السماوية.
  2. لم يهمل القرآن الكريم أي طريق للحوار والتفاهم، ولم يترك وسيلة إلا واستخدمها لتحقيقه.
  3. الحوار يضمن قيام حياة الناس على كوكب الأرض، واستقامتها واستدامتها، وتحقيق خلافة الإنسان في الأرض، وبدونه تتعطل الحياة ويسود قانون الغاب، فتسفك الدماء وتنتهك الأعراض، ويسود الظلم والاستبداد، ويعم الجهل والفقر.
  4. إن موضوع الحوار يشمل شؤون الحياة دون انعزالية أو فصل، يقوم منهجه على نظام فريد أساسه القرآن الكريم، قوي في البناء يقرر الصور المثلى والمنهج العادل والوسطية تجاه التفاعل الإنساني، والتعايش السلمي.
  5. تأكيد القرآن الكريم على نشر ثقافة الحوار، وحق الاختلاف، وذلك من خلال الممارسة الفعلية وليس على مستوى الكلمات أو الشعارات فحسب، بدءا من البيت والمدرسة والجامعة والعمل والمسجد وصولا إلى المؤسسات الرسمية. وتقبل الاختلاف بين الأجيال المتعاقبة، بصفته سنة الحياة، ولن يكون هذا إلا بإشاعة الممارسة الديمقراطية المشروعة في كل مستوياتها ومجالاتها والقضاء على كل أشكال التطرف والتعصب.
  6. إن المنطق يفرض علينا أن نتجاوز ثقافة التقاطع فيما بيننا، ونعمل جاهدين من أجل تنمية ونشر ثقافة الاعتراف بالآخر، وثقافة الكشف عن مواطن انحسار ثقافة الحوار ومعالجتها، وثقافة الاستفادة من نقد الناقدين الجديين، ولو كانوا من معارضينا أو ممن نعدهم من أعدائنا.
  7. إن ظاهرة التطرف لا علاقة لها بالدين، فهي نتاج مخالفة الدين، وأخلاق القرآن الكريم التي تحث على نقيضها.
  8. إن من أبرز أسباب التطرف، والإرهاب في العالم المعاصر إدارة الشؤون المشتركة بمقتضى الهوى، وطغيان الاستبداد في الرأي؛ وانتشار ثقافة إهانة العلم، والاعتداء على قداسته وحرمته؛ مما أنتج ثقافة لي عنق النصوص الشرعية لتستجيب لقوتي التفجير والتكفير بدل التفكير؛ فضلا عن الاستكبار العالمي.

وأخيرا فإن هذا البحث يؤكد على إشاعة قيم الحوار والمرونة والانفتاح بين الناس عموما، والأجيال الشابة خصوصا للتخلص من ثقافة الأحادية واللون الواحد، وثقافة الغلبة والعنف والقهر.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين.

المصادر والمراجع:

  1. القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم.
  2. حسن الترابي، “اطروحات الحركات الإسلامية في مجال الحوار مع الغرب” الغرب وبقية العالم بين صدام الحضارات وحوارها، ط1، بيروت، مركز الدراسات الإسلامية والبحوث والتوثيق، 2000م.
  3. سيد الدسوقي حسن، دراسة قرآنية في فقه التجديد الحضاري، دار نهضة مصر، القاهرة، 1998م.
  4. سير توماس آرنولد، الدعوة إلى الإسلام، القاهرة، 1970م.
  5. الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير الجامع بين فن الرواية والدراية من علم التفسير، ط1، دمشق، سورية، دار الخير، 1412هـ، 1991م.
  6. عصام أحمد عجيلة، حرية الفكر وترشيد الواقع الإسلامي، ط2، القاهرة، مصر، عالم الكتب، 1410ه، 1990م.
  7. عبد الجبار الرفاعي، مناهج تجديد –سلسلة آفاق للتجديد- ط1، دار الفكر، بيروت ودمشق، 2000م.
  8. عبد العزيز برغوث، المنهج النبوي والتغيير الحضاري، ط1، سلسلة كتاب الأمة، برقم: (43)، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، 1995م.
  9. عبد العزيز برغوث، مقومات التجديد الحضاري عند بديع الزمان النورسي، ط1، كولالمبور، ماليزيا، مركز الفكر الحضاري والتربية، 1999م.
  10. عبد المجيد النجار، دور حرية الرأي في الوحدة الفكرية بين المسلمين، فرجينا، المعهد العالي للفكر الإسلامي، 1413هـ، 1992م.
  11. عبد المجيد عمر النجار، الحرية الفكرية في مواجهة ظاهرة التطرف،  كتاب الأمة: ظاهرة التطرف والعنف من مواجهة الآثار إلى معالجة الأسباب، العدد: 167، جمادي الأولى 1436هـ، السنة: (35).
  12. العجلوني، إسماعيل بن محمد الجراحي، كشف الخفاء ومزيل الألباس عمن اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، مكتبة القدسي، لصاحبها حسام الدين القدسي، القاهرة، 1351ه.
  13. غوستاف لوبون، حضارة العرب، ترجمة عادل الزعيتر، ط3، القاهرة، مصر، دار إحياء الكتب العلمية، 1956م.
  14. فخر الدين الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة: الثالثة، 1420ه
  15. القنوجي، محمد صديق خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، مراجعة عبد الله الأنصاري، صيدا، بيروت، المكتبة العصرية، 1412هـ، 1992م.
  16. محمد سليم العوا، حوار الحضارات –شروطه ونطاقه-، الغرب وبقية العالم بين صدام الحضارات وحوارها، ط1، مركز الدراسات الإسلامية والبحوث والتوثيق، بيروت، 2000م.
  17. محمد عبد القادر، الإعلام في القرآن الكريم، ط1، لندن، مؤسسة فادي إبريس، وتوزيع دار قتيبة، بيروت، 1405هـ، 1985م.
  18. مصطفى الرافعي، الإسلام دين المدنية القادمة، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، 1990م.
  19. موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل، مكتبة القاهرة، 1388هـ، 1968م.
  20. هشام منور، القرآن وحرية الرأي، مقال منشور في مدونات أمين على شبكة الانترنيت للإعلام العربي، وبتاريخ 29 سبتمبر، 2007م.

……..

*الدكتور الشيخ التجاني احمدي ، أستاذ في جامعة نواكشوط

Tijani1985@yahoo.com


([1]) – سنن البيهقي الكبرى: باب: التطهر في أواني المشركين إذا لم يعلم نجاستهم، رقم الحديث: (128)، (1/32)، سنن الدارقطني، علي بن عمر الدارقطني البغدادي، تحقيق: عبد الله هاشم يماني، دار المعرفة، بيروت، 1386هـ، 1966م، باب: الوضوء بماء أهل الكتاب، برقم: (1)، (1/32).

([2]) – الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير الجامع بين فن الرواية والدراية من علم التفسير، ط1، دمشق، سورية، دار الخير، 1412هـ، 1991م، (1/417).

([3]) – موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل، مكتبة القاهرة، 1388هـ، 1968م، (9/23).

([4]) – غوستاف لوبون، حضارة العرب، ترجمة عادل الزعيتر، ط3، القاهرة، مصر، دار إحياء الكتب العلمية، 1956م، ص 127.

([5]) – المرجع نفسه، ص 605.

([6]) – سير توماس آرنولد، الدعوة إلى الإسلام، القاهرة، 1970م، ص 59.

([7]) – المرجع نفسه، ص 99.

([8]) – ينظر عبد المجيد النجار، دور حرية الرأي في الوحدة الفكرية بين المسلمين، فرجينا، المعهد العالي للفكر الإسلامي، 1413هـ، 1992م، ص 43-44. وعاصم أحمد عجيلة، حرية الفكر وترشيد الواقع الإسلامي، ط2، القاهرة، مصر، عالم الكتب، 1410ه، 1990م، ص 19.

([9]) – ينظر السيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ص 3182. ومحمد عبد القادر، الإعلام في القرآن الكريم، ط1، لندن، مؤسسة فادي إبريس، وتوزيع دار قتيبة، بيروت، 1405هـ، 1985م، ص 126.

([10]) – سير توماس آرنولد، الدعوة إلى الإسلام، ص 729-730.

([11]) – ينظر هشام منور، القرآن وحرية الرأي، مقال منشور في مدونات أمين على شبكة الانترنيت للإعلام العربي، وبتاريخ 29 سبتمبر، 2007م، ص 2.

([12]) – ينظر عبد المجيد عمر النجار، الحرية الفكرية في مواجهة ظاهرة التطرف،  كتاب الأمة: ظاهرة التطرف والعنف من مواجهة الآثار إلى معالجة الأسباب، العدد: 167، جمادي الأولى 1436هـ، السنة: (35)، ص 46.

([13]) – ينظر عبد المجيد عمر النجار، الحرية الفكرية في مواجهة ظاهرة التطرف، كتاب الأمة: ظاهرة التطرف والعنف، مرجع سابق، ص 49.

([14]) – ينظر عبد المجيد عمر النجار، الحرية الفكرية في مواجهة ظاهرة التطرف، كتاب الأمة: ظاهرة التطرف والعنف، مرجع سابق، ص 51.

([15]) – فخر الدين الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة: الثالثة، 1420ه، (13/258).

([16]) – ينظر عبد المجيد عمر النجار، الحرية الفكرية في مواجهة ظاهرة التطرف، كتاب الأمة: ظاهرة التطرف والعنف، مرجع سابق، ص 51.

([17]) – ينظر عبد المجيد عمر النجار، الحرية الفكرية في مواجهة ظاهرة التطرف، كتاب الأمة: ظاهرة التطرف والعنف، مرجع سابق، ص 51.

([18]) – ينظر حسن الترابي، “اطروحات الحركات الإسلامية في مجال الحوار مع الغرب” الغرب وبقية العالم بين صدام الحضارات وحوارها، ط1، بيروت، مركز الدراسات الإسلامية والبحوث والتوثيق، 2000م، ص 133.

([19]) – مصطفى الرافعي، الإسلام دين المدنية القادمة، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، 1990م، ص 14، 106.

([20]) – ينظر سيد الدسوقي حسن، دراسة قرآنية في فقه التجديد الحضاري، دار نهضة مصر، القاهرة، 1998م، 23-24.

([21]) –  فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، (10/73).

([22]) – ينظر محمد سليم العوا، حوار الحضارات –شروطه ونطاقه-، الغرب وبقية العالم بين صدام الحضارات وحوارها، ط1، مركز الدراسات الإسلامية والبحوث والتوثيق، بيروت، 2000م، 256.

([23]) – ينظر عبد الجبار الرفاعي، مناهج تجديد –سلسلة آفاق للتجديد- ط1، دار الفكر، بيروت ودمشق، 2000م، ص 57-58.

([24]) – ينظر عبد العزيز برغوث، المنهج النبوي والتغيير الحضاري، ط1، سلسلة كتاب الأمة، برقم: (43)، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، 1995م، ص 65. وعبد العزيز برغوث، مقومات التجديد الحضاري عند بديع الزمان النورسي، ط1، كولالمبور، ماليزيا، مركز الفكر الحضاري والتربية، 1999م، ص 19.

([25]) – ينظر عبد المجيد النجار، دور حرية الرأي في الوحدة الفكرية بين المسلمين، ص 43، وعاصم أحمد عجيلة، حرية الفكر وترشيد الواقع الإسلامي، ص 19.

([26]) – السيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، (4/2191).

([27]) – القنوجي، محمد صديق خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، مراجعة عبد الله الأنصاري، صيدا، بيروت، المكتبة العصرية، 1412هـ، 1992م، (6/263).

([28]) – القنوجي، فتح البيان في مقاصد القرآن، مرجع سابق، (2/262).

([29]) – ينظر: العجلوني، إسماعيل بن محمد الجراحي، كشف الخفاء ومزيل الألباس عمن اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، مكتبة القدسي، لصاحبها حسام الدين القدسي، القاهرة، 1351ه، (2/326).

اقرأ أيضا على مبدأ
- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة